أكره جداً "الانذال" المتلونين المزايدين الذين يتواجدون مع كل زفة يتمسحون في مواكب الكبار ويظهرون لهم كل احترام وولاء ومهابه وتعظم.. وعندما يجدون أنهم قد رضوا عنهم ووثقوا بهم وقربوهم إليهم وأغدقوا عليهم بكل مقومات الحياة ظناً منهم بأنهم خير أناس وهم عكس ذلك, مجرد أنهم بارعون في التعلق والتقفز بين مختلف حبال "السيرك السياسي".. كما أنهم بارعون في الاختفاء وقت المحن والشدائد, تجدهم يختفون داخل جحورهم كما الفئران ويظهرون بعد "انفراج الأزمة" – أي أزمة من الأزمات العديدة التي مرت وتمر بها البلاد.. لا يدرون ولا يدركون هؤلاء المتلونون جماعة حملات التلميع الإعلامي الورنيشي وغيرهم من حملة مباخر العود والبخور, أنهم معروفون "معرفة جيدة" وكأن الناس أغبياء وهم الأذكياء.. والغريب – العجيب – المريب أن البعض من نوعية هؤلاء الناس لا يزالون يعيشون على هذه العادة المريبة السيئة, يجيدون التفنن في تركيب أساليب التملق والتزلف والكذب والتلفيق, أصبحت هواياتهم ومتعتهم تلويث سمعة كل شريف ونظيف.. إنهم يتباهون بالكذب والافتراء والتزلف في مجالسهم كما يتباهى الصادقون بالحقيقة.. ينسون هؤلاء المرجفون أن الحقيقة كالحجر "الجرانيت" ثابتة صامدة تكسر عليها العواصف والأعاصير, أما رمال الأكاذيب والتلفيق والتزلف فيمكن أن تدفعها الريح فتعلوا فترة في الهواء ثم تسكت وتهدأ الريح فتسقط على الأرض وتدوسها الأقدام.. ومن أعجب العجاب أن البعض من هؤلاء السذج يصدقون ألسنة هؤلاء الأفاكين المزايدين الذين يجلسون حولهم ورفعوهم على الاعناق وهم يعلمون أنهم لايستحقون إلا ألأهانة والطرد من مجالسهم, لأن من نقلك باينقل عليك.
كم من المنافقين – المتلونين أفسدوا رجالاً صالحين ملأوا آذانهم بالنفاق الرخيص والمدح والتزلف, حملوا مجامر البخور ورشوا الجدران بالعطور المزيفة وسبحوا بحمدهم حتى صدقوا أنهم مخلصون ونسوا أنهم مخادعون – منافقون – أنتهازيون "وصوليون – SELF – SEEKERS" يجعلون من مجالسهم وأحاديثهم متعة على الغير "الغائب"!!.
نسوا من هم وما هي مكانتهم وحجمهم وهم ليسوا سوى حفنة من الطبالين والزمارين.. موجودون في كل مكان وزمان: وفي كل عهد.. أشبه بفرق الموسيقى التي تتقدم مواكب الأفراح, لا يعرفون اسم العريس ولا أهله ولكنهم يعرفون كم سيقبضون في نهاية احتفالات الزفاف.. هذا ما يعلمه هؤلاء المتلونون في مجتمعنا اليوم.. الذين سلخوا جلودهم وبدلوها بجلود جديدة تتلاءم والمرحلة الحالية, يتلونون كالحرباء على كل لون.. إذ ما أن تقال كلمة حتى تصل بعد لحظات لمن قيلت عنه ونكشف الذين يتظاهرون بالعفة والطيبة والذين نكثوا بوعودهم والذين يمارسون سياسة هي من الماضي الذي عفا عليه الزمن وصارت السياسة أخلاقاً وشفافية, لا فمن الممكن ولا علم الوسائل ولا الاحتيال على الناس ولا بالنفاق والكذب عليهم.
صدقوني إن الكثير من هؤلاء الذين يكذبون وينافقون ويعتمدون الوجهين واللسانين ويظهرون لك المحبة والوداد وفي الخفاء يحرضون عليك ويفعلون المائد ويختلقون الفتن والمصائب, هؤلاء ما أدناهم وما أغباهم, هؤلاء هل يعتقدون ان هذا العصر يتسع لهذا المدى من الممارسات التي محها الزمن والتي صارت من الماضي, بل التي تجعل الجميع ينقلبون على أصحابها, لأن لا أسرار في الكون, فالهمسة تصلك بعد لحظات.
لذا فإني أقول في آخر موضوعي هذا: تباً للأنذال مهما كانت القوة التي يستندون عليها أو مسنودين بواسطتها.. لهؤلاء أقول: مهما طال الزمن ومهما طغى النذل وتجبر باسم الكبار وأولي الأمر فسوف تبان الحقيقة, وإن غداً لناظره قريب.
أحمد عبدربه علوي
كلمة عن ذوي الوجهين واللسانين 1985