نحن مدعوون وتحت إلحاح مطلب التغيير وقضاياه إلى فتح ملف المراجعة الشاملة لأوضاع مؤسساتنا المدنية والتي يعاني بعضها "ولا أقول كلها" من دوار التصدعات الداخلية وأصبحت بمحصلة أدائها قيداً لجموح التغيير وديناميكياته, وبمرور الوقت قد تتحول هذه المؤسسات إلى معامل انكسار في معادلة التغيير, ولكن الوقت مازال يتسع لأكثر من إشراقة للأمل ووقفة المراجعة تأخذنا أولاً إلى تدوير الوظائف وإحالة كل من بلغ الأجلين إلى التقاعد بدون مجاملة أو محاباة, ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومحاربة الفساد والمفسدين ووضع حد للتسيب من أداء العمل وتحسين الأداء ولأن التغيير هو عملية إستراتيجية ولا يمكن إدارتها مثل كل العمليات الإستراتيجية إلا بتقدير موقف يستند إلى معلومات صحيحة ولأن المعلومات بطبيعتها هي معلومات مؤسسية.. فأن مزيداً من المؤسسات المغلقة أو الراكدة بعي – بالتلازم – مزيداً من أرباك إدارة عملية التغيير.. نحن أمام قيادات تحجرت في مواقعها لم تتغير في مواقعها لم تتغير مع أن التغيير سنة الحياة قيادات لا تملك في مجال الإدارة أصولها ونظمها وقواعدها كما لاشك رؤية للتطوير وتتهرب خوفاً من نتائجه ولعل ذلك يفسر حملتها لإقصاء الكفاءات محاولة إبعادها قسراً في أجواء سحابية محبطة وهو أمر يستدعي إطلاق صفارات الإنذار المبكر حتى لا تتحول بعض مؤسساتنا إلى ساحات عروض عارية لصراعات ومسيرات "ودنديدات" مفتوحة, فالتغيير ليس "حمل كاذب" وهناك دائماً من سيدافع عنه ضد أي ضربة إجهاض وأظن أن الفرصة مازالت متاحة لتفادي الصراعات دون مقايضة على التغيير وكل ذلك يدعو – في التصور – إلى إدراج مهمة إعادة البناء المؤسسي المدني ضمن أولويات جدول أعمال التغيير والإصلاحات وأجدني وبإحالة الذاكرة أكثر انحيازاً إلى تمثل إعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة حالياً كنموذج ملهم لدليل عمل المهمة باستدعاء الكفاءات الفاعلة والخلاقة والنابضة بالضمير الوطني إلى مواقعها المستحقة داخل المؤسسات وعلى رأسها.. كخطوة لتصويب المسار وبعدها سوف تمضي الخطوات في اتجاهها الصحيح.
وبعد فنحن على أعتاب دورة جديدة أو مرحلة جديدة من دورات التاريخ اليمني وهي دورة ناطقة بأبجدية التغيير ووقفات المراجعة سوف تساعدنا كثيراً على وضع النقاط فوق الحروف الأبجدية.. وفاء للوطن ووفاء لصالح قومي وفاء لأجيال قادمة.
نقول بهذا الكلام الآنف الذكر ونحن نبني الآن مجتمعنا ونعمل بكل طاقاتنا على تغييره وإصلاحه وتطويره وتقدمه رغم الظروف الصعبة التي تحيط بناء, فأننا يجب أن نؤمن بأن المعرفة هي أساس كل تطور وتقدم وان تحصيلها واجب علينا في كل مكان وبكل وسيلة وهذا الجيل لم يتح لأي جيل من قبله ما أتيح له من أسباب العلم والمعرفة ونحن الآن نسعى للارتقاء بوطننا وهي مهمة شاقة وصعبة الطريق إلى تحقيقها ليس سهلاً, فلا تظن أنك بعيد عن هذه المهمة, إنها مهمتك أيضاً, كما أنها مهمة من هم أكبر منك شأناً وأوسع مجالاً وأكثر تحملاً للمسؤولية, كل واحد منا مطالب بأداء دوره في البناء, وكل واحد مهما يكن صغيراً له أهميته وواجباته ومسؤوليات, فالبناء الكبير الضخم يبهرك ويدهشك شكله ومظهره, مؤلف من لبنات صغيرة واللبنات مؤلفة من ذرات أصغر!. ثم يجب ألا ننسى أن وطننا يتحمل مسؤولية أوسع من حدود ه وأن مشروعاتنا التي نطمح إلى تنفيذها أكبر بكثير من طاقاتنا وقدرتنا, لذلك كان لابد لكل مواطن أن يمد ثقافته ومعرفته وعمله إلى أوسع من حدوده.. إلى مجال وطنه الواسع ومجال وطننا الآن ليس مقصوراً على البلاد العربية التي ننتمي إليها فحسب ولكنه يمتد إلى شرق أفريقيا وشرق آسيا وأوروبا وأمريكا أيضاً.. لقد انقضى العصر الذي كان يستطيع فيه أي شعب أن يعيش بمعزل عن غيره وعن العالم.. بل إن العالم بأجمعه يكاد يكون مجتمعاً واحداً يتقاسم الهموم والأحزان والمآسي والكوارث التي تصيب أي جزء منه.. يبدو أن القدر يتربص باليمنيين كتب عليهم أن يظلوا في مهاترات ومناكفات ومناقشات وحوارات لا تنتهي..
أن يظلوا أيضاً في كبد ومعاناة مكثوا عقوداً يعانون من الكوارث وغيرها التي تحصد أرواحهم بدم بارد من جميع المسؤولين وان يتغلغل الفساد في مفاصل الدولة ينهش خيراتها ويذل ابناءها كتب عليهم أن يقعوا فريسة سيطرة مجموعة من العيار الثقيل من سيطرة البعض من النافذين في حزب المؤتمر حينذاك تواجهه معارضة انتهازية هشة تهاجم حزب المؤتمر بين حين وآخر لمجرد البحث عن مصالحها فقط.. أن يعشعش الفقر والمرض في بيوت الغلابة الفقراء وما أكثرهم في بلادنا.. وللموضوع بقية.
أحمد عبدربه علوي
التغيير: المؤسسات ووقفة للمراجعة 1386