ليس بخافٍ على أحد أن الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي انتهت بطريقة مغايرة ووسيلة مختلفة عكست تماماً ما قامت به ثورات عربية عديدة منذ عقود خلت’ فما ميز هذه الثورات عن سابقاتها نهجاً وسلوكاً هو إيمانها بأن صوت المنطق هو الغالب والمنتصر على رصاص البندقية وقذائف الدبابة لقناعتها بعدالة القضية التي من أجلها خرجت رافعة شعارات وهتافات التغيير كمطالب مشروعة لاسترداد الحقوق ونيل الحريات بشتى الوسائل والطرق السلمية.
أن رخم هذه الثورات قد أفرزت انطباعاً عكس مستوى عقلانية وتفكير الفعل الثوري المتمسك بمسار الخيار السلمي كحلاً لتحقيق الأهداف بطرق حضارية, فزاد من تلاحمها وتماسكها الحرص على سلامة الإنسان, لدمه وعرضه وماله لقناعتها أن البعد الحقيقي لهذه الثورات لن يتأنى إلا بالحفاظ على الحرمات والممتلكات..
ولكوننا جزءاً لايتجزأ من ثورات الربيع العربي فقد كان لنا نفس الغاية وذات الهدف فما كان من المكونات الشبابية والقوى السياسية بمختلف انتماءاتها ومسمياتها إلا أن تتمسك بنهج الخيار السلمي, كونه السبيل الأنسب والحل الأمثل للخروج من الأزمة بطريقة آمنة وسلسة وتطبيقاً لنصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية, ما جعلنا نخرج بأقل خسارة وأزهد كلفة مقارنة بما حدث في بعض بلدان الربيع العربي وما تمت من إصلاحات على المستوى السياسي والاقتصادي.. إذ بنا نقف أمام عدو مجهول.. عدو متخف بعباية الإرهاب وجلباب التنظيم المدرب على تنفيذ أعماله الإجرامية, من مجموعات لا يأويها مكان ولا يرتبط فعلها بزمان عدو أعد عدته وأضغن سريرته ليطال بمخالبه التدميرية ونفسيته العدوانية تصفية الكثير من الرموز والقيادات من منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية والمدنية.. إن هذا الاستهداف لهذه الشخصية أو تلك لايقتصر أثره على ما خسره الوطن من أبناءه فحسب, بل أحسبه امتداداً آخر يستهدف من خلاله الحد من حركة السياحة وضربة موجعة تعيق المستثمرين وتعيق حركة الاستثمار وعائدات أخرى كثيرة تعتبر رافداً هاماً وركيزة أساسية لدعم الاقتصاد.. إنه وبحق هاجس مفزع بذاته العدائية, مقلقاً بأبعاده وتبعاته الإجرامية التي تعيق النهوض التعليمي والتردي لخدمات الوضع الصحي وتوجس الناس خوفاً بالحيطة والحذر, فهم لا يريدون مزيداً من سفك الدماء وقطع أرزاق البسطاء..
حسبنا عليه قولاً: إلى هنا وكفى فليس لك بوطننا لا خصوم ولا أعداء.
محمد محمد دراج
حلم الربيع.. وفزع الإغتيال 1311