شجعني على الكتابة إليكم. حرصكم الدائم على حرية قول كلمة الحق والشفافية والموضوع الذي أريد أن أكتبه في صحيفة "أخبار اليوم" الغراء هو للأسف عن الاتجار بالديمقراطية وحقوق الإنسان في هذا الزمن الوغد من قبل البعض المقاولين الذين لا يخالجنا الشك من أنه في مفهومهم وعقليتهم أربح من الاتجار بالسلاح والمخدرات وغيرها.. ما أسهل أن تنشأ جمعية تحت مسمى براق تنشر الديمقراطية أو تشجع المشاركة السياسية أو حماية حقوق الإنسان أو تمكين المرأة أو ضمان الشفافية, أو فتح مركز للمعلومات وغيرها تحت أي مسمى يروق لك.
وما أيسر أن تفتح مقراً للجمعية أو المركز مزوداً بجهاز فاكس لإرسال بيانات إلى الصحف ومكاتب وكالات الأنباء وما إن تتصل بالبرامج الحوارية في الفضائيات العربية مقدماً نفسك على أنك رئيس الجمعية أو المركز ذات الاسم الفخم لتدلي بدلوك عن الديمقراطية الضائعة وحقوق الإنسان المهدرة في اليمن، ثم ما عليك بعد ذلك سوى أن تدمج برنامجاً يتضمن مشروعات وهمية في نطاق الجمعية أو المركز أو غيرها من التسميات الغريبة العجيبة المريبة وترسل إلى جانب أحد السفراء الأجانب في بلادنا ليتكرم بتوزيع الهدايا الدولارية بمئات الآلاف إلى الجمعية أو مراكز المعلومات المختلفة من الاعتمادات المستقطعة من المساعدات المقدمة للحكومة اليمنية.
وفي اعتقادي أنه لا لوم ولا تثريب على هؤلاء المغامرين وشذاذ الآفاق والنكرات الذين بحثوا لأنفسهم عن تجارة ربحية ووجدوها في سوق السياسة المليء بفساد البضاعة وإنما اللوم على الدولة التي غضت الطرف عن حصول مثل هذه الجمعيات أو المنتديات الخ على تمويل ولا أقول رشاوى من دول ومنظمات ووكالات أجنبية حتى لا نتهم بعرقلة نشاط منظمات المجتمع المدني.. والغريب أن البعض يتحدث عن منظمات المجتمع المدني وكأنها اختراع جديد، رغم أن اليمن عرفت الجمعيات الأهلية وهي ترزح تحت الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن والمدن الكبيرة اليمنية مثل تعز والحديدة الخ, غير أننا نعرف عنها أنها تقاضت أموالاً من بريطانيا أو من غيرها ولم تعرض نفسها في سوق النخاسة الدولية.. عندما تصبح الديمقراطية وحقوق الإنسان تجارة يتحول الوطن إلى ساحة تخضع لقانون العرض والطلب، الأمر الذي يثير الدهشة والحيرة معاً.
أحمد عبدربه علوي
نحن والجمعيات والمراكز المريبة 1590