;
الشيخ/ عمار بن ناشر
الشيخ/ عمار بن ناشر

معاً لنبذ العنف 1554

2013-02-21 01:37:34


يتفق العقلاء على اعتبار (السلمية ) من أعظم أسباب نجاح ثورات التغيير الشعبية الربيعية المباركة في بلاد تونس ومصر واليمن, كون شعوب و دول العالم تستهجن لغة العنف والدماء ومنطق الفوضى والإقصاء سواء مارسته الحكومات أو المعارضة و سواء باسم الشريعة أو العلمنة وسواء بدعوى
المصلحة الدينية أو الوطنية أو الارتهان لوصايا وضغوط وأجندة خارجية غربية أو إقليمية خليجية أو إيرانية.. وأما اضطرار الثورتين الليبية والسورية إلى حمل السلاح, فلما كفلته كل الشرائع والدساتير من حق الدفاع عن النفس بعد استباحة الأنظمة القمعية فيها للدماء والأموال والأعراض.. قد سقط اليوم منطق الثورات العسكرية لما يتضمنه من الدخول في دوامة العنف ومستنقع الدماء وتهديد أمن البلدان واستقرارها وسيادتها واستقلالها وخدمة مصالح الأعداء الذين لا يهمهم في سبيل خدمة مصالحهم وبسط نفوذهم في الرجوع بمصالح الأوطان وحقوق الشعوب إلى الوراء.
 .إنه لا يخفى توفر بقايا أنظمة شمولية فاسدة في دولة ما قبل وبعد الوحدة يرفعون شعارات (الوحدة أو الموت) (الانفصال أو الموت) لا يعيشون إلا في الظلام وعلى الخراب, يرون في نجاح مسيرة الإصلاح والأمن والتنمية إفشالاً لمشاريعهم الضيقة ومصالحهم الصغيرة وأطماعهم اللئيمة في السلطة والثروة في منهجية ونفسية انتقامية لا تنتمي إلى الدولة المدنية والحضارية, فضلاً عن الشريعة الإسلامية ما زالت فيها الغلبة لمنطق القبيلة والعسكر لا المصالح الدينية والوطنية .
"ثقافة الإقصاء " منطق الأنظمة والحركات القمعية الدموية الاستبدادية وهو المنطق الذي أسقطته الثورات ورفضته الشعوب بعد استعادة وعيها وإدراكها لحقوقها ومصالحها وكرامتها وحريتها, ذلك أن أعز ما يملكه الإنسان عقله و إرادته ورأيه, ومصادرة الآراء واضطهاد المفكرين وأصحاب الكلمة الحرة أشد على الأحرار من مصادرة الأموال وتأميم الأراضي و نهب الثروات.. لقد انتهى مشروع (لا صوت يعلو فوق صوت الحزب الحاكم) واعتبار الحزب الحاكم هو الوحيد الممثل للشعب والناطق الرسمي المعبر عن إرادته وهمومه ومصالحه, فإذا تقرر شرعاً: (لا إكراه في الدين) فلا إكراه على المواقف و الآراء مادامت منضبطة بضوابط الشريعة.
وإن(الإرهاب و والاستعباد الفكري) مرفوض سواء باسم الدين أو القومية أو العلمانية أو القبلية العسكرية.
وفي شأن
(القضية الجنوبية ) وهي قضية عادلة بامتياز, فإن مطلب الوحدة أو الانفصال لا يفرض بالإقصاء والدماء.. إن مقصد الشريعة في إقامة الدين وحفظ النفوس مقدم على مشاريع الوحدة والانفصال ودعاوى التحرر والاستقلال.. لقد اتفق العلماء على اعتبار المصالح الكلية والتي تبتدئ بحفظ الدين ثم حفظ النفس ولذلك تبذل النفوس والأموال لحفظ الدين ومنع فتنة الكفر (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (والفتنة أكبر من القتل ) فلا يجوز أن نسلك إلى المقاصد والمطالب الحقوقية والسياسية المشروعة العادلة بوسائل غير شرعية ولا سلمية ولا عادلة, ولا شرعية لمن لا يخضع للشريعة السمحة في أساليبها ومضامينها ومناهجها (فالغاية لا تبرر الوسيلة ) خلافاً للمنطق الصهيوني الميكافيللي, وانه لمن المؤسف أن نسمع تصعيد لغة العنف والإقصاء والعصبيات سياسياً وإعلامياً وعسكرياً فيستهان بالدماء بمجرد خلاف فكري أو سياسي أو نزاع على أرض أو إرث مخالفين بهذه العقلية غير الحضارية ولا المدنية ونفسية الانتقام والثأر وتصفية الحسابات وخدمة أجندات ومصالح ضيقة مخالفين بذلك ثوابت الشريعة المغلظة للدماء المحرمة المعصومة بأبلغ عبارة وأقوى بيان نحو قوله تعالى :( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما)وفي صحيح البخاري هذه النصوص القطعية الصريحة: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) (أول ما يقضى بين الناس في الدماء) (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض).. وعليه فلا يجوز أن تستباح الدماء المحرمة بأدلة قطعية لمجرد احتمالات ظنية وخلافات فكرية وسياسية وطائفية, بدليل إنكاره صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد :(أقتلته بعد
ما قالها ؟كيف بك إذا جاءت لا اله إلا الله يوم القيامة)؟(أفلا شققت عن قلبه فنظرت أقالها أم لا)؟
إن المنهج الشرعي والحضاري اليوم في التغيير اعتماد السلمية وأدب الخلاف وثقافة الحوار ورفض ثقافة العنف والإقصاء ولغة الفوضى والبلطجة والدماء, إنها دعوة للمخلصين من العلماء والساسة والمفكرين لضرورة ترسيخ الوعي والإيمان وتهذيب الأخلاق المهيجة للجرائم والفواحش ونبذ الطمع والتنافس على الدنيا والتحاسد والتدابر والتهاجر والتنافر والتناحر ودعوة للحكومة للإسراع في تحقيق أهداف الثورة السلمية في الإصلاح الشامل ومواجهة كل أسباب وصور الفساد وحفظ الأمن منعاً من دخول البلاد في مستنقع الدماء وحروب أهلية مفتوحة لا يعلم منتهاها إلا الله .
ولقد كنا تشرفنا في (رابطة علماء ودعاة عدن) بعقد ميثاق شرف تم التوقيع عليه من نحو 38 فصيلاً مختلفاً تضمن هذه المعاني الكريمة ونحن اليوم نجددها ونؤكد عليها نصحاً للمسلمين.. والله الموفق.
 
الشيخ/ عمار بن ناشر
رئيس رابطة علماء ودعاة عدن
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد