لم يستطع ملالي إيران تحمل مرارة سقوط مشروعهم في سوريا، وتمزق الهلال الشيعي، رغم محاولتهم إخفاء مرارة الهزيمة الموجعة؛ فلم يصبروا غير عشرين يوما؛ فخرج مرشد قم يتكلم كوصي فرض نفسه، وكجريح مهيض الجناح يتوعد بأن الشباب السوري سيقاوم الثوار في دمشق.
ولأن الهزيمة مدوية، بحجم مخططٍ فارسيٍ تمدّد في ساحة الوطن العربي حتى ظن أنه قادر عليه، أتاه الأمر المزلزل من حيث لا يحتسب، ومن حيث ظن أن مليشياته التي أتى بها، وجمعها من بلدان شتى مانعته من الله، فأُتي مشروع الملالي من حيث لم يحتسبوا ...!!
كيف طال صبر الملالي على إهانات الكيان اللقيط وهو يهاجمهم، ويقصف منشآت لهم في طهران وغيرها، وابتلعوها صامتين، أو متوعدين للرد بلا تنفيذ، منذ 26 أكتوبر الماضي؛ في حين لم يحتملوا الزلزال الذي أجلاهم من سوريا.
لقد كانت مرارة هزيمة المشروع الإيراني موجعة إلى أبعد مما يتصور أحد، وهو ما طفحت به تصريحاتهم، ومَنَاحاتهم، فخرج وزير خارجية إيران ــ هو الآخر ــ يصرح تصريحا سَمِجا وغريبا يتزلف به الغرب، ويتملق الكيان اللقيط، ويثني على الـيهود؛ بإغرائهم ضد سوريا! إذ يقول: حكم الإسلاميين لسوريا، أخطر من احتلال إسـرائيل لفلسـطـين ...!!
تصريحا مرشد إيران، ووزير خارجيته هو إعلان بتنصلهم عما كانوا يدعونه من تزعمهم لمحور المقاومة، والانتقال إلى محور (المساومة)!
وتوصيفهم للإسلاميين بأنهم أخطر من الكيان اللقيط إنما هي مغازلة للكيان المحتل، وتحريض مفضوح ضد سوريا.
إيران تسمي نفسها الجمهورية الإسلامية، فكيف نفهم بين وصف نفسها الإسلامية، ويكون الإسلاميون أخطر من اليهود؟
هذه الأقوال والتصريحات تعزز ما لدى الشارع العربي عن مدى العلاقة التاريخية بين طهران، وتل أبيب، وبات الشارع العربي يعرف أين تتطابق علاقتهما، وأين تفترق؟
إيران تقدم نفسها بأنها رأس ما تسميه: محور المقاومة، بدليل أن فيلق القدس لايزال مسماه قائما، مع أن أحدا لا يعرف أين يوجد هذا الفيلق؟ وأين يحارب؟ ومن يقاتل؟ وبالطبع لن نجد إجابة.
هل تراه دخل السرداب في غيبة صغرى ــ وربما ــ كبرى؟ هذه إجابة يمكن بها إقناع المُغيَّبين عقليا لديهم، أما مَن سواهم فلا يرونها إلا واحدة من مظاهر التبجح والمغالطات، والانتفاش.
كانت السيطرة الفارسية على سوريا طعنة نجلاء في خاصرة الوطن العربي، ولم يكن الوطن العربي في منأى عن اللوم، أو النقد، بل واستنكار غيابه الذي أتاح للمشروع الإيراني أن يتمدد في الوطن العربي.
ها قد عادت سوريا إلى الوطن العربي، فهل ستجد الدعم العربي الكافي لتعزيز هذه العودة، ودعم حريتها، واستقلالها؟ أم ستجد الخذلان، ومحاصرتها بالريبة، والشكوك، والتشكيك والشروط الحمقى، والتدخلات الساذجة، والتسبب في تهيئة فرص جديدة لأعداء الوطن العربي؟