في زمن كانت القوى السياسية في الشرق الأوسط تحلم بتقارب بين القوى السياسية الإسلامية والقومية والوطنية والحداثية من أجل التخلص من كابوس الأنظمة الديكتاتورية التي أعاقت عملية التحول الحضاري في المنطقة, كان لليمنيين السبق في تحويل الحلم إلى حقيقة ووقائع بتأسيس اللقاء المشترك ليصبح تجربة رائده أسست لشراكة حقيقية يشاد ويحتذى بها عالمياً, ناهيك عن أنه حافظ على الهامش الديمقراطي في اليمن وعلى القوى المنضوية تحته من الانهيار أمام ضربات النظام العائلي التي كانت تسير بالبدء نحو الوراثة والتفرد بالسلطة.
وقد استطاع المشترك خلال الفترة الماضية تجاوز كثير من العقبات والمؤامرات التي تحاك من أجل تفكيكه بحنكة وبأقل الخسائر واستطاع أن يقود الثورة الشعبية إلى أن حققت أهم أهدافها المتمثل بإسقاط النظام العائلي, ومع ذلك فاللقاء المشترك اليوم أمام تحدٍ حقيقي بسبب التصدعات والمشاكل والمؤامرات التي يواجهها سواء بفعل أحداث الجنوب والحراك المسلح أو بعض القوى والشخصيات والمحسوبة على هذا الفصيل أو ذاك والتي تحاول تعكير وتعطيل مسيرة الفترة الانتقالية بدوافع خارجية أو مصالح شخصية أو حتى حزبية آنية.. ولأن هذا التحدي ما يزال قائماً فنحن نقول لم يعد الحفاظ على اللقاء المشترك وتماسكه قضية تهم أحزابه فقط, لكنها قضية وطنية بامتياز وحاجة ضرورية للمرحلة القادمة, للأسباب الآتية:-
1-القضاء على محاولات إعادة إنتاج النظام السابق من قبل بقايا صالح والمتحالفين معه داخلياً وخارجياً.
2-بقاء اللقاء المشترك قوياً متماسكاً سيسهم في إنجاح الحوار الوطني ويحمي مخرجاته.
3-بقاء المشترك متماسكاً سيحمي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني من التشرذم والتبعية والشخصانية وسيسهم في تنمية العمل المؤسسي داخلها.
4-استمرار التنسيق بين أحزاب المشترك في القضايا الوطنية سيسهم في إيجاد المعالجات الواقعية للقضايا الوطنية وأهمها قضيتي صعدة والجنوب والحفاظ على وحدة البلد.
5- كما أن اتفاق المشترك على مرحلة ما بعد الحوار سيسهم في إنجاح الانتخابات الرئاسية والنيابية والتأسيس لتداول سلمي للسلطة ولدولة مدنية.
6- والأهم أن بقاء المشترك متماسكاً والحفاظ على الحد الأدنى من توافقه يحميه من الانزلاق إلى مربع المواجهة البينية التي ابتليت بها قوى الثورة في مصر والتي أدت إلى نتائج كارثية على الحياة السياسية وعلى الاقتصاد وعليها في إهدار الطاقات والقدرات وموارد في صراع الكل فيه خاسر.
ولكل ما سبق نقول إن بقاء المشترك أمان وأمل من أجل إخراج البلد إلى طور البناء والتمية والتداول السلمي للسلطة, اما أن استجابت بعض قوى المشترك لمغازلات الشخصيات والقوى والتيارات في الداخل والخارج لخدمة مصالح إقليمية أو شخصية أو مذهبية أو حتى حزبية آنية, فإنها ستسهم في تكريس واقع التبعية والارتهان للخارج وفقدان الجميع بوصلة توجيه دفة الأحداث ذاتياً وستصبح قراراتنا المصيرية خاضعة لمراهنات هذا أو ذاك وستصبح هذه القوى, شاءت أم أبت, عبارة عن كمبرس يصنع النجومية للآخرين وبأجر زهيد.
فؤاد الفقيه
المشترك أمل أم سراب؟ 1387