ما لاشك فيه أن الحوار الوطني المقرر انعقاده في 18 مارس هو المخرج الوحيد لليمنيين لمعالجة المشاكل والمعضلات التي يعاني منها البلد، بل الكثير من العلماء ذهب بأنه واجب شرعاً، لأن البديل للحوار هو القتل ونهب الأموال وانتهاك الأعراض... الخ وهي من الكليات الخمس التي جاء الإسلام للحفاظ عليها وما لا يتم الواجب.. إلا به فهو واجب ولكن لكي نكون أكثر واقعية في تطلعنا لنتائج الحوار، فهو ليس حصان طروادة ولا الفانوس السحري الذي بمجرد فحسة يخرج المارد ليلبي رغبات الجميع، كما أنه ليس عصا موسى يختزل المعجزات لكي يحول كوارث أكثر من 70 عاماً لرياض وجنات عدن، فالحوار الوطني هو ملتقى لفرقاء العمل السياسي والاجتماعي على طاولة واحدة بعد عشرات السنوات من الخلافات السياسية والأحقاد والإقصاء والتهميش وبعد سقوط الآلاف من الضحايا ومطلوب منه تعويضات للمتضررين وقصاص من المذنبين وطي صفحات من الماضي كلها مآسٍ وتشريد وآلام وحرمان وغربة وبطالة وفقر ومع هذا كله محوط بالمؤامرات والدسائس الداخلية والإقليمية ومن أصحاب النفوس المريضة ونهابة الثروة والسلطة.
لا أريد هنا أن أعكر مزاجكم من الحوار، لكن نريد أن نرسم صورة حقيقية لماهيته حتى لا نصطدم بمجريات الأحداث فقد يصحب الحوار خلافات ومماحكات وعراقيل وقد ينجح الحوار بنسبة 50% أو 60% أو 99% والمطلوب منا أن نعي أن مجرد جلوس الجميع لتدارس المشاكل والمعوقات وإيجاد حلول لها والتوافق على الحد من الحلول والمعالجات هو بحد ذاته إنجاز للحوار الوطني، كما أن الأهم من الحوار هو التأسيس لمرحلة قادمة ودستور جديد يكون شعارهما العدالة في تقاسم السلطة والثروة بين أبناء الوطن دون إقصاء أو تهميش أو تعالٍ لمنطقة أو مذهب أو حزب أو أسرة على بقية مكونات المجتمع اليمني وتوفير الضمانات الكافية لتحقيق مقررات ونتائج الحوار على أرض الواقع سواء المجتمعية أو الحكومية أو الإقليمية..
وأملنا في الله كبير الذي يحف اليمن بالحفظ، فقد جنب البلد السقوط في أتون الحرب الأهلية وعلى الرغم من الأوضاع التي مرينا بها تفاجأ العالم بنسبة نمو مقدارها 4% العام الماضي، ما توقعها اقتصادياً ولا باحثاً، فلله الحمد ونتمنى من ممثلي الحوار أن يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية وأن يترفعوا عما سواها.
فؤاد الفقيه
الحوار والواقعية المطلوبة 1424