بعد مضي يومين من الحوار الوطني ومن خلال أحداث اليوم الأول والثاني سواء في قاعدة الحوار أو في ساحة العروض في عدن يتضح جلياً أن اليمن اليوم أصبح يمن الحرية وأن عقلية النظام أصبحت تتعامل باحترام مع الرأي الآخر وكنا نتمنى من الحراك أن يتمتع بنفس النفسية في احتفالية 21 فبراير.. ونحن هنا نشيد بما قامت الأجهزة الأمنية في عدن والمحافظ من حماية وتعاون مع فعالية الحراك، ونشيد كذلك بالأجواء الديمقراطية التي سادت جلسات الحوار في اليومين الأول والثاني، وكلها علامات تؤكد أن الحوار سيأتي ثماره، وأن البلد سيخرج من حالة الاحتقان السياسي قريباً.. ونحن مستبشرون وقد أستمدينا هذه البشارة من الذي لا ينطق عن الهوى، فقد سألت الشيخ/حميد عقيل حفظه الله في مقابلة صحفية معه أثناء الثورة والأيام في أشدها في اليمن وسوريا، فقلت: كيف تتوقع مستقبل اليمن وسوريا.. فأجاب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اللهم بارك في يمننا وشامنا) وهو صاحب الدعوة المستجابة الذي لا ينطق عن الهوى والبلدان بفضل الله سيؤولان إلى خير عظيم بعد انتصار ثورتهم مصداقاً لحديث رسول الله وبمجرد التفكر في تاريخ اليمن والشام تقف حقيقة تاريخية أمامك مفادها أنهم أصل الحضارة المدنية في الجزيرة العربية ومقام العمران فيها، بل كلما تعرضتا لابتلاء وفتنة وخراب كلما أعيدتا أفضل مما كانتا عليه وأتحدى المتشائمين يعطون في تاريخ المنطقتين حقيقة غير ذلك وليس هذا فحسب، فعلى مدار تاريخ اليمن منذ ما قبل التاريخ والحوار والشورى في اليمن لا تأتي إلا بالخير، فها هي ملكة سبأ تحاور نبي الله سليمان وتحفظ مملكتها وشعبها، بل وتؤمن بالله ومن معها والحوار هو سبب إيمان أجدادنا من الأوس والخزرج برسول الله في بيعتي العقبة الأولى والثانية وكانوا فاتحة خير للبشرية بأكملها وعندما أرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معاذ لليمن أرسله وأمره بالحوار ودخل اليمنيون الإسلام سلماً وعندما اشتدت الفتن التقى اليمنيون في القسم الشمالي في 82 م من اجل الحوار وبفضله عاد الى البلد الاستقرار واتفق اليمنيون على دستور ونظام حكم ظل حتى الوحدة المباركة وبفضل الحوار بين الشمال والجنوب تحققت الوحدة سلمياً في 1990م.. وها نحن اليوم نفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن بالحوار الوطني الشامل الذي يبدأ اليوم والذي سيقود الأرض التي تحدث عنها الله بقوله (بلدة طيبة) والإنسان الذي قال فيه رسول الله (هم ألين قلوباً وأرق أفئدة) إلى الخير كل الخير.
وأخيراً رسالة مستعجلة
للمتشائمين الذين يريدون من الوهلة الأولى تحقيق الإنجازات أو يرون في كل مشكلة هنا أو هناك فشلاً للحوار، ولهم نقول: في كل أنحاء العالم وخاصة في مناطق التوتر والصراعات يعتبر الحوار إنجازاً وبعده ستأتي كل الإنجازات متتالية وتعتبر الاختلافات سمة طبيعية، بل تعتبر الاختلافات هي بوابة الوصول للحلول الناجعة.. صحيح انها متعبة للجميع، لكن هي انعكاس لواقع يراد إصلاحه وهي بمثابة الملح للطعام وإلا لما جلس الناس للحوار ولن تكون اليمن أكثر تعقيداً من المشهد السياسي اللبناني لو جلس الناس وتحاوروا للخروج بحلول أكثر من مرة في اكثر من مشكلة وأزمة.