;
عبدالرحمن الأهنومي
عبدالرحمن الأهنومي

مشروعية التمرد حين تغيب الدولة 1201

2013-05-02 05:05:02


وُلدتُّ ونشأتُ في مديرية المفتاح من محافظة حجة، فيما مضى من سنوات عمري لم أر للدولة أي أثر في المديرية.. إلا حين يأتي مدير المالية ليجبي الزكاة ويجمع المحصول، أو مدير الأمن ليلقي القبض على متهم بالتمرد على الدولة..
القروي في الأدغال يا مدنيون يفتقد الدولة حين يتحدث عن الكهرباء والماء والصحة والتعليم، يفتقد الدولة حين يمرض ولده ولا يجد المستشفى كل ما في يده أن يتوجه إلى صنعاء أو إلى مركز المحافظة "حجة" ليعطيه حقه من العلاج، يفتقد الدولة حين يرى أثاراً لخطوط المياه التي مُدت في عام غابر كدعاية انتخابية جعلت منه مؤتمرياً للنخاع، يفتقد الدولة حين يرى أبراج للكهرباء وخبطات ممتدة عليها, لكنه يعانق الظلام كل ليلة ولا يرى للكهرباء أثراً، يفتقد الدولة حين يرى في مدرسته التي يدرس أولاده فيها مدرسين اثنين وخمسمائة طالب وتلميذ.. لكنهم يجدون دولة النظام والقانون حين تحل نهاية السنة ويأتي جابي الزكاة ومستلم الضرائب، وحين يأتي طقم أمن المديرية لإلقاء القبض على متهم بالتمرد على الدولة والخروج على النظام والقانون.
أنا اتفق معكم جميعاً أن حضور الدولة هي المنقذ، غير أن تشريح الحالة اليمنية في المحافظات الشمالية تشير إلى أن ما هو موجود وما كان وما يتم بنائه حاليا ليست الدولة ولا فرض سيادة القانون، بل يسير باتجاه تأكيد السلطة وتعزيزها على معاناة المواطن الغلبان والمسحوق.
إن ما يطرح ويتناول حالياً في رؤى الأحزاب لقضية صعدة لَيؤكد بجلاء بأن ذهنية السلطة ما زالت هي الفاعلة والراسخة في الوعي السياسي والنخبوي وهناك محاولات عدة لتقمص دور الحزب الملهم الذي كان يخصص الميزانيات ويؤسس المشاريع في الدورات الانتخابية ويغيب ما بينها.
إن تعزيز حضور الدولة بوصفها رمزاً سلطوياً، وغيابها بوصفها دولة في خدمة المواطن, لهو ما جعل من صعدة محافظة خارج القانون وسيجعل من محافظة حجة خارج النظام ومن عمران كذلك، ومن غير شك بأن حالة الخوف التي كانت موجودة لدى القرويين ستذهب, لأن الثورة قد سهلت عملية الرفض الجماهيري، وتلك الميزات لم تكن متاحة من قبل، خلا حالات فردية.
والسؤال المطروح الآن: هل وضعت الأحزاب والمكونات السياسية في الحوار الحدود بين مفهوم الدولة كدولة تُعطي وتتلمس احتياجات المواطن، والسلطة كسلطة تمارس سلطتها عليه، وبالتالي نصبح أمام رؤية حقيقية لما نحاول أن نبنيه ونعتبره منقذاً؟ أم أنا ما زلنا في ذات الإشكالية التي تساوي بين الدولة والسلطة في استمرارية لا تعرف التطور في أشكال الحكم؟..
الإجابة هي أن البناء الذي شرعوا فيه الآن جاء على أنقاض انهيار منظومة سلطوية، وهو بناء لم يعرف التغيير من الناحية الجوهرية فما زالت ذهنية النخب والذهنية السياسية للأحزاب تستدعي حضور السلطة وغياب الدولة، بعكس الجماهير التي لم تكن تعرف أو تميز أو تضع حدوداً بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة، والتي أصبحت واعية بأن لها حقاً يجب أن تأخذه من الدولة وتعي بأنه إذا لم تُعط هذا الحق فلها الحق في أن تتمرد على السلطة..
وهنا انتهت الإشكالية الجماهيرية، لكن يبدو أن النخبة لم تع وهي تمارس ذات الدور السلطوي التي كانت تنتقده وتصب جام غضبها عليه أنه يجب أن يتغير، فالممارسات التي كانت تمارس مع الأشكال القديمة التي أصبحت تعرف وتميز بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة لم يعد ذا جدوى.. ففي صعدة كانت الدولة غائبة فعلاً وأعلن هناك تمرد على السلطة وأن تخرج في وجهها وتقاتل بالسلاح..
فرفقاً بكم أيها المزايدون, فمغالطاتكم ستجعل من عشرين محافظة يمنية صعدة.. لتعلموا بأن المواطن القروي بلا شك أنه سيتمرد على الدولة التي تغيب عنه حين يحتاج لخدماتها وتوجد حين تجبي الزكاة والضرائب, سيتمرد عليها وينحاز لمن يحل مشكلته مع أخيه, مع ابن عمه, مع قريبه.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

علي أحمد العِمراني

2024-05-18 23:21:11

"3-5" حقائق عن اليمن

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد