;
محمد صالح المنتصر
محمد صالح المنتصر

عدوانيو التحاور 1283

2013-06-11 03:23:17


قال أحدهم: بأن الزوجة تتهرب من التحاور مع زوجها إذا كانت نتائجه ستمنعها من زيارة الجيران أو حضور حفلة زفاف صديقتها.. وقال آخر: إن الأب يرفض التحاور مع أبناءه الكبار إذا أنتج ذلك تقاسماً في سلطة البيت وتنازله عن بعض صلاحياته لأبنائه.. وآخر قال: بأن أحد المشائخ يقول لأبنائه "إذا اصطلحوا بنو فلان فستتحولون خداماً في دواوينهم فلا تتركوهم" كطرف ثالث متضرر من تحاور أطراف أخرى.
هذه بعض من مداخلات تداولناها أثناء مشاركتنا في الدورة التدريبية للإعلاميين التي أقامتها جمعية البر الاجتماعية والتنموية بمحافظة الضالع في إطار مشروع نشر وتعزيز الثقافة المدنية (المرحلة الثانية) والتي اختتمت الخميس 3 يونيو. ورغم بساطة هذه التعبيرات وتضمينها- واقعاً أو مشابهة- للمفهوم العام للتحاور, إلا أن ذلك كتبسيط للمصطلح ومدى توسع دلالته والحاجة إليه سواءً بين الزوجين أو بين الأب والأبناء أو بين فئات المجتمع وليس فقط كما أعتدناه بين الساسة والزعامات والتشكيلات السياسية والأنظمة.
• قواعد التعايش:
وكمهمة اجتماعية وتنمية فكرية وثقافية قدمتها جمعية البر فإن ما تناولته الدورة من محاور لمفاهيم ( الديمقراطية والمدنية والتفاوض والحوار في فض النزاعات والمواطنة وحقوق الإنسان وغيرها ) تعد أبرز المهام والمسئوليات التي تستوجب على ذوي العلاقة سياسياً اجتماعياً حقوقياً وثقافياً بضرورة العمل على تصحيح المغلوط منها وتوضيح المبهم ومدى حاجة المجتمعات إليها وممارستها كسلوك للتعامل ليعزز الإيجابي منها وننبذ السلبي. وللأسف فالكثير منا- بغرور أو جهل أو تعصب أو تحاذق أو مغرر ومخدع- يفقد قيمة الفائدة من قواعد ومبادئ التعايش مما تحمله هذه المفاهيم عندما نتأثر بتعريفات المتلاعبين بألفاظ المصطلحات والمفاهيم، أو عندما نألف تداولها فنمل أو يمحور البعض مقتضاها لذواته ومصلحته فنشك فيها وقد تتعمق مفاهيمها لدينا بأنها مصطلحات نجرم من ينطقها ونقاتل من يحادثنا بها.
• التحاور:
من تلك المفاهيم "الحوار" وكقناعة شخصية ومعرفية فقد نكون صائبين إن اعتبرناه الطريق الأكثر أماناً في درب مثابرتنا ونفيرنا نحو الإصرار والحصول على حقوقنا وامكانية التوازن في علاقتنا وتعايشنا مع الآخر.
• ثلاثة يعادون التحاور:
وبحسابات الربح والخسارة تتعد المواقف تجاه القبول بوسيلة التحاور لحل المشاكل وفض النزاعات وتتداخل المصالح والمنافع ويزداد معها الأطراف لتتجاوز الرئيسيين وتصبح ضمنياً جزاء من القضية لكن قد يكون أبرزها ثلاثة أطراف:
1- طرف ظالم يعرف بأنه نتائج التحاور ستجبره على القبول بما لدى الآخر أو يعيد ما عنده من حقوق للآخرين. والأجدر بهذا الطرف أن يستلهم منطق الواقع بأن حق الآخرين لا يضيع ولو بعد حين وكلما طالت فترات الاستلاب كلما تعاظمت عواقب استرجاعه! وإن كان ذلك كمنطق وبالأصح سنة كونية فهو كذلك تجربة ودروس نقرأها من وقائع الآخرين. فتحاور القوي ولو ظالم مع من لهم حق عنده أو شركاء معه يضمن له بقاء الاستمرار في الحياة هادئاً وآمن ولو شعر بأنه إعادته لحقوق الناس ستنتقص من ملكه أو سلطانه فربما سيكون أفضل مما لو فقد الشيء كله!.
2- طرف مظلوم يشعر بالضعف لا يثق بمصداقية الآخر أو بضمانات الحصول على حقه من خلال التحاور، أو اعتقاده بأن منطق السلاح سيجبر الظالم على الخضوع إما كاعتقاد شخصي أو متأثراً بما يذيعه الآخرون إما موالين أو خصوم ويغررون به من يثق بهم أو لا يثق.. وكمبدأ فكل الوسائل مشروعة للحصول على الحقوق واضطراراً قد يكون العنف، لكن على صاحب الحق أن يكون نبيها ومتعقلاً في طريقة تعامله مع قضيته، وكما قيل "آخر الدواء الكي" وليجعل العنف والتضحية كخيار اضطراري عندما تغلق كل منافذ الحلول. ودون أن نستسلم لما قد ترسخ لدينا من تقييمات لأحداث عتيقة في أيام خلت وتعاقبتها متغيرات في الزمان والمكان فالأصل أن تكون وسيلتي مشروعة بقدر حقي المشروع وإذا كانت الوسيلة الموصلة لحل مشكلتي وحصولي لحقي ضامنة لذلك بأمان وسلام فلا يهمني نوع الوسيلة للوصول إلى روما إن كانت طائرة أو سفينة أو قطار أو تاكسي أو شاحنة أو على الجمل إن لم تكن إلا وسيلة واحدة من بينها مستوفية لمعايير السلامة وضامنة للوصول ومحصنة بتوافق الكل دون منع ولا اعتراض لمرورها ولا مهددة باحتجاز أو تعطيل.
3- وهناك أطراف تربطها علاقات مصالح أو عداوات مع كلا أو إحدى طرفي التنازع وتدرك بأن نتائج التحاور أو مجرد التقارب سيشكل ضرراً عليها. وتلك قد تأتي الرياح بما لا تستنشقه رئوياتهم التنفسية فرب قشة رقيقة تحبس أكسدة الدماغ لنظام العرش وتجلط اقتصاديات ومصالح المستهين بأحقية شعوب وأوطان.. فتجارب ليست بالبعيد جعلت كثير من أنظمة تعض أناملها من الغيض كلما فشلت في هواجسها وأماني مطامعها وصار من هو في يدها بالأمس آمناً ومستقلاً عن وصاية أو صديقاً لآخر تشرف وساهم بحل مشاكله وأزماته! فقد تعتقد بعض الزعامات أنها حصرياً تنتج و"تمكسج" سيناريوهات دولة ما, فتتفاجأ بأن غيرها أحسن الأداء والنوايا فأحدث أثراً إيجابياً يستحق عرفان التأريخ والأجيال ، كنجاح دولة قطر في المصالحة بين القوى اللبنانية في الأزمة التي أعقبت مقتل الحريري ، وبين حماس وفتح ، وفي أزمة دارفور السودانية كما أن دول أخرى تنجح وتخفق وتحصد الندم كلما ساءت نواياها.
وعلى طريق السلامة فالتحاور يسلم الجميع الإيذاء ويؤمن الوصول إلى المبتغى وإن أبطأ لكنه يجنبنا التصادم واحتمالية حوادث تدمي القوي والضعيف، وكلما سمحنا لغيرنا بالسير إلى جانبنا سلمنا وسلموا جميعاً، كسائق المركبة والشاحنة وسائق التاكسي والدراجة والمشاة المارة ولو تفاخر سائقو الشاحنات فلن يسلموا الأذى والضرر إن تسببوا في ضرر من يشاركهم المسير والسفر.
• الخلاصة:
وليفهمها المغتر, فبالتحاور قد تعيد للغير حقوقهم فقط، وبالاستقواء والغرور قد تخسر كل ما هو لك وما هو لهم!.. ومثله الغرر المظلوم فلا تحرق البيت الذي يختبئ اللصوص فيه فقد لا تترك النار لك شيئاً مما أخذوه عليك.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد