عجبت والألاف مثلي أشد ما يكون العجب وأصبنا بدهشة بالغة وحسرة من قبل رجال الأعمال وغيرهم من الأشخاص الآخرين الذين أخذوا يشرحون عن الإجراء الغير سليم الذي قام به البنك المركزي اليمني بتخفيض فائدة المبالغ المودعة كالوديعة الثابتة في البنك المركزي وكل البنوك المحلية الأخرى بنسبة 15% في العام بدلاً مما كان عليه في عام2010م 20% في العام الواحد، وكان بالأحرى أن يطبق البنك المركزي هذه الفائدة المخفضة على البنك المركزي وحده وليس بقية البنوك اليمنية الأخرى، لأن هذا الإجراء جعل من رجال الأعمال وغيرهم ممن توجد لديهم أموال كبيرة في البنوك اليمنية أن يعملوا على تحويلها أو نقلها إلى الخارج، تستفيد منها بنوك أخرى عبر شركات ومكاتب الصرافة في البلد وحرصاً منا على بقاء الأموال التي كانت مودعة في البنوك اليمنية في السابق المطالبة بعودتها شريطة أن يعاد النظر بنسبة الفائدة السنوية كما كانت في الفترة الماضية بنسبة20% وليس 15% هذا إذا كان فعلاً نريد المصلحة العامة للدولة وبالذات في المجال:ـ الاقتصادي والمالي والتجاري والتنموي.. وهذا يعتبر من البديهي جداً الحديث عن العلاقة بين الاستثمار وسعر الفائدة، فنحن هنا لسنا بصدد هذه المهمة غير أنه عندما تكون هناك حالة اختلال في هيكلة العلاقة بين سعر الفائدة على الإيداع وسعر الفائدة على الإقراض فإن الأمر عندئذ يكون بحاجة لأن تسلط الأضواء عليه لتصويبه وخاصة سعر الفائدة على الإيداع التي تم تخفيضها في الآونة الأخيرة.
لا يدرك القائمين على البنك المركزي الأضرار التي ستلحق بأموال المودعين في البنوك الأخرى بما في ذلك البنك المركزي اليمني..
إننا أمام مهمة إصلاح اقتصادي كما أننا أمام مهمة إصلاح سياسي خارج نطاق الفقر والبطالة لازالت تقاسيمه وملامحه غير واضحة، ومن هنا كان لابد من الإشارة إلى موضوع سعر الفائدة على الإيداع ومن ثم الإقراض..
لقد وصل هامش الفرق هذا وبناء على أرقام حول هيكلية أسعار الفوائد إلى مساحة غير مسبوقة على الأقل منذ فترة ليست بقصيرة من الزمن وكان على ما نظن العام الماضي تسجيلاً لهذا الهامش الذي يزيد عن كل السنوات التي سبقته منذ عدة أعوام..
وهنا لابد من القول إن المتتبع لسير سيولة البنوك يلاحظ انخفاض الفائض النقدي، وأيضاً الاحتياط من العملات الصعبة.. وهذا يعكس أن تسارع نمو الإيداعات لدى البنوك ـ أي أن استمرار انخفاض الفائض النقدي لدى البنوك يعني أن هناك ازدياداً في الضغط باتجاه أن ينخفض هامش الفرق بين سعري الفائدة على الإيداع وعلى الأقراض، وبالتالي على البنوك التجارية ألا تنتظر حتى تصل إلى مرحلة استيعاب كامل الفائض النقدي لتبدأ بعدها رحلة تصحيح العلاقة بين سعري الفائدة.. فإذا كانت التدخلية في حركة الأسواق هي حالة من الشوائب في ديناميكية العرض والطلب فلابد من إزالتها فإن ارتفاع هامش الفرق بين سعري الفائدة هو تشوه في السوق المصرفي وفي العرض والطلب على الودائع والأئتمان، يجب أن يزول، فالقطاع الخاص بشكل عام يجب أن يكون حريصاً على الحفاظ على أجواء المنافسة، والبنك المركزي في عدم تدخله المباشر في تحديد سعر الفائدة، إنما يدفع البنوك التجارية باتجاه المنافسة بينهما في الوقت ذاته يكون إصرار البنوك على أن تتعامل مع هامش مرتفع وبطريقة غير مسبوقة تعتبر توجهاً نحو احتكار القلة مما يعني أن تكون البنوك مستفيدة من عدم تدخل البنك المركزي دون أن تتبع سياسة ائتمانية تنافسية أو غير متحفظة تتيح تقليصاً واضحاً في هامش الفائدة..
والواقع أن الحديث عن تقليص هذا الهامش لا يعني المساس بربحية البنوك، بل يعني أنه من الضروري أن تتخلى البنوك عن السياسة المتحفظة لتنطلق أسعار الفائدة نحو تحريك الاستثمار وتخفيض كلفته، فالفائدة ترتبط بالاستثمار بمعامل ارتباط قوي وموجب وتبقى من العناصر الهامة والمؤثرة في زخم الاسثمارات وفي تنافسية الإنتاج الوطني وبالتالي في تحريك دفة فعالية القطاع الخاص ودوره في التنمية..
قصارى القول: نؤكد في نهاية موضوعنا أن الفائدة هي مفتاح الاستثمار وهذا ما تقوم به البنوك في البلدان العربية والأجنبية خلال معاملاتها في هذا الشيء.. بارتفاعها أو زيادتها وليس تخفيضها كما قام البنك المركزي اليمني بذلك..
"مجرد نصيحة"
أحمد عبدربه علوي
الفائدة مفتاح الاستثمار 1315