على مدار تاريخ اليمن المعاصر على الأقل نهاية كل حقب أو فترات سلمها أو حربها نهاية آمنة وبأقل الخسائر, رغم المؤامرات والفتن التي عاشتها, إلا أنها خرجت بأقل الخسائر وحافظت على كينونة الدولة من الانهيار والنسيج الاجتماعي من التفكك..
ومن دروس التاريخ فإن الباحثين في الوضع الحالي يؤكدون عدم خروج الوضع الحالي عن هذه القاعدة, ولكن لتسليط الضوء على المرحلة ومدى فرص التحول الإيجابي والعبور الأمن إلى ما بعد الفترة الانتقالية وبناء الدولة المدنية وبين انسداد الأفق السياسي وسقوط اليمن في وحل التشظي واللا استقرار.. سنسرد المخاطر المهددة والفرص الآمنة, وللقارئ الحكم على المرحلة بأي اتجاه ستسير الأمور:-
أولاً المخاطر:
1- وجود مؤشرات تدعمها تقارير دولية عن وجود نية مبيته لدى بعض القوى الإقليمية والدولية لتدخل في اليمن أما بصورة مباشرة أو غير مباشرة ويستدل أصحاب هذا الرأي بمحاولات تضخيم تنظم القاعدة في اليمن واستدعائه بصورة ملفتة مؤخراً وتحريك مزيد من الأساطيل الدولية إلى بحر العرب وخليج عدن بحجة مواجهة مد القاعدة وخطرها.
2- التدخل الخارجي الإقليمي في اليمن ومحاولة جعل اليمن ساحة لتصفية الحسابات بينها ووجود كثير من القوى المحلية التي تستجيب لهذه المؤثرات, إما بسبب المصالح أو الارتباط المذهبي وعلى رأسها السعودية والإمارات وإيران.
3- عرقلة بعض القوى للفترة الانتقالية التي لم تستطع تقديم مؤشرات كافية لإقناع القوى الجنوبية بتغيير السياسية تجاه القضية الجنوبية والقيام بخطوات مطمئنة باتجاه تصحيح أخطاء نظام صالح تجاههم.
4- موقف المانحين وصندوق النقد الدولي والبنك من عدم الوفاء بتسديد ما تعهدوا به من معونات وقروض, حيث لم يصل منها سوى العشر والتي إذا توفرت كانت ستحسن كثيراً من الوضع الاقتصادي.
5- تعنت بعض قوى الحراك في إيجاد الحلول وإصرارها على الانفصال فقط.
هذه أبرز المخاطر.. أما فرص التحول السلمي نحو بناء دولة مدنية فتتلخص بالتالي:
1- الحوار الوطني وما سيترتب عليه من دستور جديد ونظام حكم ومعالجات للقضايا الوطنية ومصالحة وطنية على أسس منصفة وعادلة, وكذلك التوافق على الإجراءات المكملة مثل الانتخابات والاستفتاء.
2- العلاقات المرنة بين القوى السياسية و وقابليتها للشراكة والتوافق وبعدها عن الأحقاد المزمنة التي تتعطل معها فرص التقارب.
3- التوافق خلال المرحلة الانتقالية وإدارة البلد من قبل حكومة الوفاق مهد الطريق لقيام شراكة بعد المرحلة الانتقالية, على الرغم من المحاولات الحثيثة لبعض بقايا النظام تعطيل هذا التوافق.
4- وجود رغبة شعبية في الشمال والجنوب للخروج من الوضع الراهن بأقل المخاطر ووجود رفض عارم للحصول على أي مكاسب بالعنف والاحتراب مهما كانت.
5- وصول المجتمع الدولي لقناعة راسخة أن أي انهيار في اليمن لن يكون في صالح الإقليم والأمن الدولي.
6- هيكلة قوات الجيش والأمن وخروجهما من الإدارة العائلية للوطنية سيسهم في ترسيخ أسس الثوابت الوطنية على ما دونها من نزعات مذهبية ومناطقية.
7- تراجع دور رموز النظام العائلي على المستوي الحكومي والشعبي معززاً لتحول السلمي.
ومن فرص العبور الآمن والمخاطر المحدقة نلحظ أن هناك ميلاً واضحاً لدى الكثير بتغليب فرص التحول السلمي, ولعل توافر جملة من الشروط هو ما سيعزز هذا الرأي ومن هذه الشروط:
1- أن توفر مخرجات الحوار الوطني آليات ووسائل ونظماً تدعم شراكة كل القوى في القرار والثروة.
2- أن تكون المعالجات للقضايا الوطنية واقعية وعادلة ومزمنة.
3- أن تلعب الأجهزة الأمنية والجيش والقضاء دور المحايد والمحافظ على السلم الاجتماعي والحارس لمخرجات الحوار لوطني.
فؤاد الفقيه
اليمن بين العبور الآمن وانسداد الأفق 1430