في ظل حكومة "الوفاق" التي مر من عمرها حوالي العامين، ويرأسها ويسيطر عليها حزب الإصلاح (الإخوان)، لا يمكن لأحد أن ينكر بأن معاناة الناس في ظلها قد تضاعفت، وزادت أوضاعهم المعيشية والعامة سوءاً، وأصبح لسان حال الجميع (مؤيد ومعارض), يقول:
ربَّ يوم بكيت منه .. فلما صرت في غيره بكيت عليه
• ففي ظل هذه الحكومة التي تشكلت في ديسمبر 2011 م بدماء الثائرين وحُملت على أكتافهم إلى كراسي السلطة، ارتفعت نسبة الفقر في البلاد إلى ما يزيد على 43 % وفقاً لتقارير رسمية، و 54.5 % بعد أن كانت 36% قبل 2011 م وفقاً لتقارير دولية؛ أي أنه أصبح لدينا أكثر من 12 مليون فقير يمني يتسكعون في الشوارع بدون مأوى أو مأكل أو ملبس أو صحة.
• أما بحسب تصريحات و"تسولِ" الكثير من شخصيات البلد وكبار مسئولي الدولة، و"طِلاِّب" القنوات الفضائية اليمنية، ووفقاً لحال العاطلين والمتسولين الذين يملأون الشوارع والمساجد والحارات، فالنسبة ستتضاعف حتماً، وتظل اليمن في رحاب "حكومة الوفاق" تصنف دولياً بكونها الأكثر فقراً من بين أفقر 30 دولة في العالم، ونسبة البطالة بين الشباب تزيد على الــ 60%، و 45% بين الكبار.
وبرغم كثر جمعيات الإصلاح الخيرية و "البر والإحسان" التي يتسول الجميع باسمها لــ"عيون" الفقراء والمحتاجين، ومرضى الكلى والسرطان, إلا أنها مشغولة بتوزيع حصص "والقائمين عليها"، أما المحتاجون، ففي أحسن الأحوال توزع لهم الصدقات بالهوية السياسية والبطائق الحزبية، وتظل اليمن هي الأفقر بين الفقراء، والأجوع بين الجائعين، رغم مرور عامين على حكومة "الوفاق" التي كانت أمل الشباب الثائر، وحلمهم الموعود.!.. ورغم تسلمها جزءاً من أموال المانحين, إلا أن القربة لا تزال مخرومة والفساد لا يزال ينزف.. وفي ظل حكومة "الوفاق" ازدادت أسعار المواد الأساسية بنسبة تتراوح ما بين 50 – 100 % تقريباً، واسألوا عن أسعار "الزبادي"، والـ "كدمة" ورغيف الخبز، وسعر الديزل, إن شئتم.
• تدهورت الخدمات العامة في العاصمة والمدن الرئيسية بصورة غير مسبوقة في ظل إدارة حكومة الوفاق، فالكهرباء لا تزال تراوح في جدلية "طفي- لصي", علاوة على ما تلحقه هذه العادة من كوارث ساحقة ماحقة في أجهزة وآلات ومعدات المواطنين في بيوتهم.
• ارتفعت معاناة الموظفين بنسبة كبيرة ومخيفة، بحيث أصبح الموظف غير قادر على دفع إيجار البيت الذي يسكنه، وغير قادر على توفير حاجيات من يعول، فضلاً عن دفع رسوم تدريس الأولاد، ورسوم الخدمات اليومية التي تأتي في فواتير الكهرباء والمياه المقطوعة أصلاً.
• في ظل حكومة "الوفاق" ازداد تهريب الأطفال والعبث والمتاجرة بأعضائهم البشرية بنسبة كبيرة، وأصبح 10% من بين 5 ملايين طفل يشتغلون في سوق العمل يتعرضون للاعتداءات الجنسية، إلى جانب ازدياد تجنيد الأطفال لدى القوى والأحزاب السياسية المتصارعة التي تدفعهم للموت وهم تحت السن القانونية وفقا لتقرير منظمة اليونيسيف.
• في ظل حكومة "الوفاق" اتجه المئات من اليمنيين إلى بيع أعضائهم كـ" الكلى، فص الكبد، قرنية العين، مفاصل الركبة والسائل المنوي" في المستشفيات السعودية والمصرية وعواصم خليجية أخرى، منهم فقط "400 مواطن يمني استدرجوا إلى مصر خلال العامين الماضيين وفقاً لتصريحات مسئولين رسميين".
• الحديدة المدينة الحالمة الآمنة، عروس البحر الأحمر ولؤلؤة اليمن الغربية أعلنت رسمياً, وعلى لسان محافظها "منطقة منكوبة", نتيجة غرقها في الأوحال والتلوث الذي تتعرض له بسبب طفح مياه الصرف الصحي واختلاطها بمياه الشرب وانتشار الأمراض والأوبئة, وعدم كفاءة المعينين في ظل حكومة الوفاق.
• أصبح الناس يبحثون في الزبالة ويأكلون من مخلفات أكوامها، ووسائل الإعلام الرسمية والمشتركة تقول عبر أبواق عالية وصاخبة "أن كل شيء تمام التمام وسمن على عسل"، وأغلب وزراء حكومة الوفاق "يهبرون" ما بين 5- 15 مليون ريال شهرياً على شكل مكافآت ونفقات مرافقي الوزير ولوازم "هيبة" الوزير، ونثريات وتحركات الوزير.. وصرفت الحكومة وفقاً لتقرير دولي أكثر من مليارين ونصف ريال على عدد 150 سفرية ومشاركة خارجية معلنة "كمشاركة في احتفالات، وندوات، وملتقيات، ومؤتمرات..", حضرها أعضاء الحكومة خلال العام الماضي 2012 م، منها فقط 19 سفرية لوزير واحد.
وعلاوة على هذا وذاك تجد بعض مسئولي حكومة الوفاق، لا وفقها الله, قد امتلك ما لا يقل عن 8 سيارات في 16 شهراً، واشترى العقارات والأطيان وفتح الأرصدة والحسابات!.. كل هذا وهم منشغلون بتوظيف العشرات من الأقارب والمحاسيب، ومنكبون على تنفيذ أجندة التقاسم الحزبي، فتصوروا كيف سيكون مصير البلاد والعباد لو تفرغوا للمهمة إياها!.
• بالوثائق والأرقام قرأنا خلال الأشهر الماضية يا حكومة" الوفاق" فساداً بالأطنان, ولكننا لم نقرأ أو نسمع أن جهة معنية اتهمت بالفساد قد تبرأت من فسادها، كما لم نقرأ أو نسمع أن أحداً من كبار القوم قد أدان الفساد الذي يمارس في ظل حكومة "الوفاق", أو استنكره باستثناء براءة الذمة التي أعلنها الدكتور/ ياسين سعيد نعمان حينما قال في إحدى تغريداته بالفيسبوك "إن الفساد القديم كان يمارس فساده بأدب وحشمة، أما الجديد فيمارس بقلة أدب وبلا حشمة"!.
• مر عامان على حكومة الوفاق والأسر التي شردت من بيوتها نتيجة تعرضها للتخريب بأسلحة الأحداث والعصابات لا تزال مشردة وازدادت فقراً وجوعاً ومعاناة، رغم أن الحكومة وأمين العاصمة والرئيس هادي أعلنوا في مطلع 2013م أنهم سيبدأون بتعويض المتضررين من أحداث 2011 في صنعاء خلال (أسبوعين)، والحال هو نفسه بالنسبة لبقية المدن المتضررة.. وهكذا تظل آلاف الأسر مشردة من بيوتها، ولم تتمكن من العودة إليها, منتظرة انتهاء مهلة الأسبوعين, ولكنها لم تنته بعد, رغم مرور أكثر من عام على مثل هذه الوعود.
• بينما حكومة "الوفاق" عوضت شركات القطاع الخاص الأكثر نهباً و"شفطاً" لجيوب الغلابا من المواطنين (سبأ فون) و (MTN )- مثلاً- ووجهت بإعفائهما من ضريبة الأرباح التجارية، إلى جانب حصولهما على تمديد إعفاء من ذات الضريبة لمدة عامين إضافيين، رغم حصولهما على إعفاءات لمدد تزيد على سبع سنوات, مع أنه "لا إعفاء إلا بقانون", إلا أن القانون في زمننا هذا أصبح مستباحاً ومنتهكاً أمام هذه الآفات التي تشبع نهباً ولم يعد لديها وازع من ضمير أو خوف.
وإذن، فقد ارتبطت هذه الحكومة, للأسف, بثنائية الفقر والفساد، وزاد الطين بله أن رئيس الجمهورية في لقائه بمجلسي الوزراء والنواب في يوليو 2013 م وجه بتعطيل الدستور ومنحه إجازة مفتوحة، وأعطى الحكومة وأعضائها حصانة من المساءلة, وأطلق لهم العنان لمزيد من الفساد والإفساد حينما خاطب النواب قائلاً: "إن المجلس يستمد مشروعيته من المبادرة الخليجية وليس من مشروعية الدستور، مع أن المبادرة اعتمدت في الانتقال السلمي للسلطة على أسس وقواعد الدستور، لكنه زاد ووجه فخامته هداه الله بــ "إلغاء استجواب رئيس الحكومة والوزراء".. إلى جانب القرار الغريب العجيب الذي أصدرته حكومة الوفاق في وقت سابق، وقضى بعدم التعامل مع "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، وهي هيئة رسمية منتخبة من قبل هيئتين رسميتين تشريعيتين وفقاً لنصوص قانونية مستمدة من الدستور!.
وطبعاً كل هذا تم ويتم على ذمة المبادرة الخليجية التي لم تقل بهذا مطلقاً، وبموافقة علنية من فخامة الرئيس، الذي منح حكومتنا "الموقرة" تصريحاً صريحاً وواضحاً بأن افعلوا ما شئتم، واعبثوا كيفما تشاءون يا حكومة الوفاق!.. فلا تثريب عليكم.. وليمدد أبو حنيفة ولا يبالي.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير.
* رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية
د.عبدالوهاب الروحاني
حكومة الوفاق.. ثنائية الفقر والفساد!! 1500