الزعيم (علي عبدالله صالح) كما يحلو لمناصريه والمستفيدين من فترة حكمه أن يصفوه به، الذين أطلق لهم العنان طيلة السنوات الماضية كي يعبثوا بمقدرات الوطن وأمنه وسلمه الاجتماعي, يبدوا أنهم لم يقتنعوا أنّ الشعب لفظهم بعد أن دمروا الوطن وحولوه إلى إقطاعية, ونهبوا ثرواته وتسببوا بارهاق الشعب اليمني الذي لم يجد حيلة إلا الثورة عليهم..
الأكل من الزبالة والموت على الحدود، الفساد، الرشوة، المحسوبية، كلها كانت عناوين بارزة في مرحلة حكمه.. التدهور المستمر في الاقتصاد والوصول باليمن إلى مصاف الدول الفاشلة، وتلاشي الطبقة الوسطى وتحولها إلى شريحة الفقراء، الصراعات القبلية التي كانت تتم بإدارة مباشرة من النظام السابق وبعلمه، اقتلاع العداد وتوريث الحكم وتأميم الحياة السياسية- كانت مؤشرات اللحظة الأخيرة من حكم صالح.. ماذا بقي لصالح أنّ يقدمه لليمنيين؟.. لقد توفر لصالح مالم يتوفر لزعيم أو رئيس يمني من قبل, ولكنه فشل, فلماذا يصر على البقاء في المشهد السياسي بعد أن لفظه الشعب؟.. لقد توفر لصالح كافة الإمكانيات وكامل الوقت, ومع ذلك فشل، لقد حاولت الأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وكافة المصلحين في اليمن إقناعه بالتخلي عن سياساته التي تقود اليمن للسير نحو طريق الفشل, لكنه رفض.. من الذي تسبب في إفراغ الوحدة من مضامينها وتسميم الحياة السياسية؟, من الذي أوصل قطاعاً واسعاً من أبناء الجنوب إلى كُره الوحدة؟, من يقف وراء ظهور الجماعات المسلحة التي تتخذ من العنف وسيلة للتغيير؟, من يقف وراء الاغتيالات وتفجير أنابيب النفط وتدمير أبراج الكهرباء؟, من يشجع الانفلات الأمني وينشر الفوضى؟.. والسؤال الذي يطرح نفسه: من المستفيد من ذلك كله؟.
التغيير سنة من سنن الحياة, وكان لابد من حدوث تغيير بعدما أوصدت جميع الأبواب في وجه الشعب.. معاقبة الشعب ووضع العراقيل لإفشال الحكومة وتلغيم الحوار الوطني من داخله لتيئيس الشعب, أمر مستبعد.. عليك أن تشكر اليمنيين لحكمتهم ولصبرهم على ظلمك, ولمنحهم إياك الحصانة وعدم محاكمتك واسترداد كافة الأموال التي نهبتها أثناء فترة حكمك.. لقد منحت لك الحصانة مقابل عدم ظهورك في المشهد السياسي، أما إذا أصريت على إفساد الحياة السياسية باسم الزعامة, كما أفسدتها وأنت رئيس, فلا تنتظر من الشعب أن يستمر في حلمه عليك, وأنت تعمل على خلط الأوراق, والحلم بعودة الأمور إلى الوراء.. عليك التخلي عن اختطاف المؤتمر وإفساح المجال للأيادي الآمنة والأمينة كي تقوم بدورها الوطني في المرحلة المقبلة مع بقية قطاعات الشعب, والتفرغ لكتابة مذكراتك لكي تستفيد منها الأجيال القادمة.
إن اقتحام مقرات الإصلاح, أحد أقطاب الحياة السياسة في اليمن وأكبر أحزابها, بهذه الصورة الفجة, دليل فشل ويضع أكثر من علامة استفهام حول أداء الأجهزة الأمنية وبعض مؤسسات الجيش وتبعيتها، خصوصاً ونحن في مرحلة حوارية تؤسس لمرحلة جديدة تتخطى أن تدار البلد بعقلية الزعيم والرئيس الفرد الملهم, إلى المؤسسة والعقل الجمعي والمشاركة الشعبية الواسعة.. فهل ستسمح القيادة السياسية لليمن باختطاف البلد والعودة بها إلى المربع الأول؟.
سمير عبد السلام
اقتحام مقرات الإصلاح آخر أوراق صالح الفاشلة 1304