للتعليم أهمية ومكانة بالغة في حياة الأمم والشعوب, فإليه يُعزى مدى التقدم أو الانحطاط ومن خلاله تتبدل حياة الفرد والجماعة، وتتغير صوب الأحسن والأفضل, فهو عمود الحضارة وشفرة المستقبل المشرق الوضاء، وإليه يُشد الرحال ومنه تحط الأثقال وبه تغدو إنساناً ما تصافح التقدم، وتعانق التطوير والتحديث، وتحلق مراراً عالياً في الفضاء الرحب.. تصبح ذا ذكر، وتمضي في سبيل الله راسماً أحلام الجماهير، مبعثراً ظلمة الليل اللهيم حتى يخال إليك أنك ملك يأسر القلوب، ويستعيد النفوس فيمضي بالناس إلى غير رجعة يسابق بهم الزمن ويترفع معهم عن الوهن ضارباً بأكتاف الجهل فوق رداء الظن والمستحيل منهياً وإلى الأبد طقوس الرحيل الأخير، حتى يعد والعالم عبارة عن الممكن في زمن لا يعرف للمستحيل طريقاً، حيث تغدق النعم، ويعلو صوت الحق الأكبر لئلا يتوشح الجهل والظلام رداء العبودية لأي من مخلوقات الله سواءً كان رئيساً أو كان وزيراً أو حتى نائباً في البرلمان.
والتعليم اصطلاحاً عند معشر التربويين هو تعديل في سلوك الكائن الحي أو الإنسان, أما مرت عليك نظرية بافلوف العالم الروسي الذي أرسى مداميك التعليم والتعليم كمفهوم حديث عصري في المدرسة الحديثة عن طريق الارتباط الشرطي، حيث أجرى هذه التجربة على كلب وكان لا يقدم له الطعام إلا عندما يدق الجرس فتعلم الكب سلوكاً وكما في حسه أن دقات الجرس ستكون مصحوبة بمزيد من الأكل إلى ذلك.. فهنالك التعلم ونظرياته عن طريق المحاولة والخطأ وكيف يمكن للمعلم أن يغرس في الطالب الميول وكيف يحشو ذهنه بالمفهوم والمفاهيم المختلفة في المنهاج والمقرر الدراسي طيلة عام دراسي كامل..
المهم أن مفهوم التعليم أو التعليم يحوي وظيفة التعديل في سلوك المتعلم، فأنا حينما أدرس مقياس الرسم في الرياضيات أتعلم خطوات الحل والقانون الذي يضبط حركة تلك الخطوات، فحينما أمارس ذلك عملياً أكون بذلك قد عدلت في سلوكي التفكيري والعملي والإبداعي ما نظهر مفهوم التعليم.
وللتعليم مشاكله الخاصة المعقدة والتي تزداد تعقداً مع اتساع مساحة الفقر والحاجة للدولة الفقيرة التي لا تستطيع أن تتماشى مع المتغيرات والمستجدات المحلية والإقليمية والدولية على نحو يدفع بتلك الدولة الفقيرة إلى مد يد العون والمساعدة من بعض الدول اللاتي يعهدن في مصاف الدول المتقدمة واللاتي درجن على مبدأ دعم البلدان الأشد فقراً على شكل هبات ومساعدات للتعليم, يتبلور أوجه الدعم للدول المانحة حول دعم البنية التحتية للتربية والتعليم، كإنشاء المشاريع التربوية من مدارس ومرافق تعليمية وتربوية, بحيث لا تستطيع قيادة الوزارة استخدام تلك المنح في مواجهة مشكلات التعليم العديدة، حيث تصبح عاجزة عن إجراء أي تحويلات وقفزات تعليمية وتربوية عظيمة، وهذا مدعاة إلى مضافرة الجهود الرسمية والشعبية واختزال مشكلات التعليم في مشاكل بسيطة عير معقدة، ويعد عصا سحرية لإجراء أبرز التحولات التعليمية والتربوية على قائدة الشراكة بين المجودين الرسمي والشعبي.
ولو كنت وزيراً للتربية والتعليم لكنت قمت بالأعمال التالية:
أولاً: إلغاء نمط النظام التعليمي والتربوي القائم على المرحلة الأساسية والثانوية، والعمل بنظام المراحل الثلاث.. الابتدائية والإعدادية والثانوية, فالنجاح إلى الصف التاسع في النظام التعليمي القائم يعد نجاحاً آلياً غير مخطط له وهو ما يفاقم خيبة الأمل في تدني المستوى التعليمي والتربوي لطلابنا وطالباتنا جراء الانسياق فالنظام التعليمي القائم فاشل.
ثانياً: منهج الإعداد والتأهيل للكادر التعليمي والتربوي في الريف والحضر، واعتماد الإعداد والتأهيل المصاحب والمرافق للكادر خلال العام الدراسي كدورات مكثفة وتنشيط جهاز التقويم والتوجيه في هذا الجانب، واعتماد خطة مزمنة ترتقي بمختلف المستويات حتى نتمكن من وضع أيدينا على المعلم الكفوء والمعلمة الكفوءة، وحتى نتمكن من إعداد جيل تعليمي قوي يتربع على عرش الاقتدار كلاً حسب ميوله واستعداده ومواهبه الفطرية، إضافة إلى إمكانية صقل المواهب.
ثالثاً: تطوير المناهج والمقررات الدراسية, بحيث تقدم المعلومة والمعرفة دون غموض وإشكاليات، ونراعي في المناهج والمقرر الدراسي أن يكون قادراً على إخراج المواطن الصالح المصلح في شتى مجالات وميادين الحياة الهامة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
رابعاً: إعادة النظر في قانون المهن والعمل على تحقيق تطويره ليلائم سوق العمل، من خلال تأكيده على ضمان حقوق المعلم المادية والمعنوية التي تتماشى وطبيعة وحجم الدور الذي يقوم به من غير إغفال تحفيز المعلمين ببذل أقصى الجهود.
خامساً: اعتماد مبدأ "التخطيط التربوي" عن طريق عقد المؤتمر الوطني التربوي" الذي يتولى رسم السياسات العامة والخاصة بما يواكب المتغيرات والمستجدات والحداثة, وكيف أن عضوية هذا المؤتمر القيادات التعليمية والتربوية العليا في ديوان وزارة التربية والتعليم وفروعه في مكاتب المحافظات والمناطق والمديريات التعليمية والتربوية بحيث يتم اختيار الأقدم, ومن لديه القدرة في التخطيط والبرمجة ولا ننسى مدارس المحافظات, بحيث أن يكون لكل مدرسة تتكون من ثلاثة آلاف طالب أو طالبية ممثل في المؤتمر الوطني التربوي.
سادساً: العمل على ربط الدرجة الوظيفية بالمدرسة بالوحدة الإدارية, وفتح حالات الاستغناءات التعسفية في حق المعلمين والمعلمات الذين يخالفون مدير أو مديرة المدرسة في الرأي ومحاسبة المخلين بالقانون.
سابعاً: تمهين الأداء في مدارس محو الأمية وتخصيص كادر تربوي علم ذي خبرة في التدريس في مدارس محو الأمية رجالاً ونساءً.
ثامناً: تقديم الفاسدين إلى النيابات العامة ممن يشتبه تورطهم في جنح فساد.
وفي الأخير لا يسعني إلا أن أشكر لكم تعاونكم الجم وتواضعكم العميق الذي تبدى في اهتمامكم بما كتبناه ونأمل أن يكون في الاستحسان منكم فهذا هو وطننا ومسئولية بناءه مهمة ملقاة على عواتقنا بمختلف انتماءاتنا ومشاربنا السياسية والحزبية بما في ذلك الاستغلال السياسي والحزبي.. المهم أن مسئولية البناء والإعمار للوطن يجب أن يساهم الجميع من خلاله, ومعذرة من معالي الوزير التربية والتعليم أ.د. /عبدالرزاق الأشول, وطبتم وطاب كل ما سعيتم إليه.
عصام المطري
لو كنت وزيراً للتربية.. 1275