مشنقة واحدة قد تكفي لإعدام السلام، لكن أعداء الاستقرار لا تكفيهم رصاصة أو رصاصتين، والوطن يمتد كبقعة دم حمراء إلى حيث المجزرة، والفوضى تملأ الأمكنة ولا تجد لها من رادع, وكل شيء هنا يقتل فينا الأمان, حتى الوطنية ادعاء بنكهة التآمر الذي يغتال فينا وطناً بحجم اليمن.
يستمر نزيف الدم ورجف الدمار ورائحة البارود تغتال كل ما هو جميل في هذا الوطن, لأن هناك من يريد تقطيع اليمن إرباً, ويضمر للبلد السعيد شراً, ونحن ننتظر ميلاد خارطة التمزيق من جزائية موفنبيك؛ حيث يدار ما أطلق عليه حوار بالمجاز, فيما الحقيقة أنه ووفقاً لمبدأ التحاور فإن الحوار لا يفرض, بل يمكن له أن يرفض، عدا أننا أصبحنا أمام جزائية موفمبيك؛ شاخصي الأبصار ننتظر حكم يقضي بالشنق الجماعي لكل أبناء اليمن.
في موفمبيك؛ حيث المبعوث "بن عمر" جعل من نفسه مندوباً سامياً, والسفير الأميركي حاكماً فعلياً, وللخارج حق الوصاية علينا وبيده صكوك الوطنية وقرارات التخوين، ولرؤى القوى السياسية قدسية التوافق، يتصرفون إزاء قضايا مصيرية لهذا الشعب المقهور وكأن أبناءه قطيعاً من الأغنام لا أكثر, وكما يقول المثل " قوة الحارس على صاحب البصل".
إنهم يتعاملون معنا على قاعدة أن "بن علي" لا ينطق عن الهواء ورؤى الفيدرالية ليست هباءً منثوراً، وبالتالي ما كان للشعب اليمني إذا قضى مؤتمر موفنبيك أمراً أن يكون له الخيرة من مخرجاته، فمخرجات الحوار لا يجب التمرد عليها، كما يتوعدونا..
يحاولون التغابي وينتهجون سياسة "الدعممة" تجاه أية رؤى تتنافى مع أجندات التآمر ومخططات الخارج, وهم يدركون- حد اليقين- أن هذه المخرجات لن تتحول إلى قوانين إلا بعد استفتاء شعبي يكون الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه هو الفيصل فيها والحاسم.
منذ سنين مضت ونحن نعيش حالة انفصال مقيتة في هذا الوطن الغالي، ونريد أن نعيش الوحدة الحقيقية ابتداءً من 2014 على الأقل طالما كان هذا هو جوهر ثورة 11 فبراير السلمية التي ساهمت فيها كل فئات الشعب.
الوطن لم يذنب يوماً بحقنا حتى يتم محاكمته بجزائية موفنبيك وتمزيق جغرافيته إلى كنتونات صغيرة طالما أن الوحدة جاء ميلادها على أيدي العابثين, فتم اغتيال مشروع هذا الميلاد مبكراً، لكن هيهات أن نبتلع التشظي بخديعة التنافس, فالقائم هو التحدي في بلد المليشيات و "حمران العيون" وصقور الفيد و"موالعة النفط" وهشاشة المركزية في البلاد.. يرسمون لنا خارطة التمزيق.. نتقبل المؤامرة ببرود، ليظل "الموفمبيك"، نيفاشا اليمن؛ لعنة تاريخية على الأمة العربية أجمعها.
أيها الحالمون بالسراب: هي فكرة لن تمر مرور الكرام, ولن نبتلع التآمر بإدام الحوار كما تتوهمون؛ إنكم تستلون مدية التوافق الكاذب لتقطعوا وطني إلى أوطان وتجعلوا من شعب عظيم شعوباً مفخخة قابلة للتناحر ".. والله ولاؤنا أكبر من أوهامكم وأحلامكم أحلام كتاكيت.. فمتى قد كان الحل لفشل الإدارة والأنظمة يكمن بتمزيق جغرافية الوطن؟!".
ولعل الحقيقة الدامغة تتمثل في أن الوحدة لم تتم على الواقع بعد، وما حدث كان التفافاً على مشروع يتطلع إليه اليمنيون, ولا زالوا يتوقون إليه.. إن الساسة حاولوا التبرك بتحقيق الوحدة, لكنهم اغتالوا هذا الحلم الجميل، الذي جاء عبر اتفاق في عام 90 وانتهى بمأساة ضحيتها وطن، اتفاق بين طرفين كانا يبحثان عن المصلحة حيث نهب "علي سالم البيض" أموال الدولة والحزب الاشتراكي في عدن وفر إلى الخارج, وبقى النافذون التابعون للطرف المنتصر في 94 يمارسون عمليات الفيد والنهب والسلب، هذا الذي حصل, أما الوحدة لم تحدث بعد، ومازلنا ننتظر الميلاد الحقيقي لها.
عبد الحافظ الصمدي
أمام جزائية موفمبيك! 1689