في المشهد السياسي الجنوبي تظهر نتوءات معيقة لكل ما هو مفيد ويقود إلى حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً.. ليس أوله تشتت واختلاف مكونات الحراك الجنوبي إلى أقرب ما يكون إلى التقاتل، ولا آخره التخوين المتبادل بين تلك المكونات.. ولكن يضاف إلى كل ذلك استخدام أسلوب (الغاء) الآخر مالم يأت موافقا لرؤية البعض بل ويصل الأمر إلى اختزال الجنوب كله في رؤية (قروية) وافدة على المدينة والويل لمن خالفها وإن كانت رؤيتها تمر من خرم الإبرة!! هذه الرؤية العدمية لا تخدم ـ بأي حال ت القضية الجنوبية ولكنها تؤسس لصراع قادم لا يبقي ولا يذر لأنها أحادية متعصبة لدرجة الرعونة.. وكأن هؤلاء لديهم الحق المطلق في تمثيل الجنوب وما دونهم الباطل.. ولم يبق إلا أن يقولوا لنا إن لديهم (صك) تمليك بالجنوب حتى يختصروا علينا وعلى أنفسهم الطريق. نعم.. إنهم ـ بأسلوبهم هذا ـ يحاولون اختزال الجنوب كله في (قريتهم) ويريدون إلغاء الآخر ويصابون بأوليات الجنون (الهلوسة) اذا خالف رايهم الآخرون.. ولا يجدون أمامهم إلا وسيلة (العنف) وهي وسيلة الفاشلين. ولعل ما حدث يوم 12 أكتوبر الجاري في ساحة العروض, خير شاهد على تغلغل هذه العقليات الاختزالية في الحركة الاحتجاجية الجنوبية, وهو أمر مؤسف جدا أن يصل بهم الحال إلى محاولة احتكار القيادة والاستحواذ على المنصة التي يفترض فيها أن تكون متنفسا لكل المشاركين وكل من يريد التعبير عن مكنونات صدره, بعيدا عن الهيمنة الرعناء التي يشتكي منها من جاءوا إلى المهرجان وأنها سبب خروجهم إلى الشارع, فاذا بهم يجدونها بين أظهرهم وممن يفترض فيهم (بغض) الهيمنة لا استخدامها وقت الحاجة!! ومما يؤسف له أيضا أن ثقافة الكراهية ـ التي زرعها البعض ـ صار اليوم يكتوي بنارها قبل غيره ..فقد صاح صائحهم ( إصلاحي مندس إصلاحي مندس) واذا بالقوم يتكومون على ذلك الحراكي المسكين ليوسعوه ضرباً حتى مات ـ كما قيل ـ ولكنهم يكتشفون بعد فوات الأوان أنه (منهم) بعد أن وقع الفأس في الرأس، ولم يقولوا مؤتمرياً أو اشتراكيا أو حوثياً ويبدو أن كل أولئك الأحزاب على وئام مع قادة المكونات الحراكية باستثناء الاصلاح، لأن الفكرة واحدة عندهم جميعا وهي رفض كل ما هو (إسلامي) على قرار السيسيون في مصر على ما يبدو.. يا سبحان الله.. هل مثل هؤلاء يصلحون لقيادة الاحتجاجات الجماهيرية فضلاً عن السلطة التي يحلمون بها ؟! إنها بروفة عملية للقادم.. في ظل زعامة مثل هؤلاء وعلى كل جنوبي حر أن يأخذ حذره فالقادم ينذر بشر مستطير في ظل مثل هكذا زعامة. إنهم لا يعون أن القضايا الكبرى لا تحل بالتفرد والأنانية والاستحواذ ولكنها تحل بالمشاركة الواسعة والتفهم الواعي لآراء الآخرين مهما اختلفت وتنوعت وعدم إلغاء الآخر.. وهم يصرخون من الالغاء والتهميش والاستحواذ ويمارسون نفس الأساليب فأنى لهم النجاح.!!
منصور بلعيدي
العنف.. وسيلة الفاشلين 1403