الإدارة فن فطري ومكتسب، فهي هبة من الله عز وجل يقذفها ويطيعها في سلوك من أحب، كما أنها فن مكتسب يأسره الإنسان المتفاني بالعلم والمعرفة والخبرات المتراكمة، والإدارة هي ملح القيادة الشاملة؛ إذ لا قيادة بدون إدارة مقتدرة، فالقيادة بدون إدارة كالجسد بدون روح؛ إذ لا قيمة ولا معنى للقيادة بدون إدارة ناجحة تضطلع بمهامها وتوجه العمل القيادي صوب تحقيق كافة أهداف الإنجاز والعمل، حيث تحتاج مختلف الأنشطة والأعمال المختلفة والمتنوعة في الدولة الواحدة ومؤسساتها ومصالحها للقيادة سواءً كان العمل والنشاط صغيراً أم كان كبيراً والقيادة المختلفة والمتنوعة هي في مسيس الحاجة إلى الإدارة المكمل الفعلي والحقيقي لعملها، لذا فإن أي تطوير أو تحديث للإدارة المختلفة والمتنوعة هو بدوره تطوير وتحديث للقيادة المختلفة والمتنوعة في رأس الهرم وعلى قاعدة الهرم. وهنا أرى أن السر من وراء تخلف الواقع العربي والإسلامي في مختلف الأقطار والأمصار العربية والإسلامية.. هو هشاشة وضعف الإدارة الشاملة.. الإدارة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والإعلامية والتربوية والعلمية في مختلف المجالات والميادين الحياتية العامة، وهذا بدوره أدى إلى هشاشة وضعف العمل القيادي المترتب عليه النهوض بمختلف مجالات الحياة العامة، فالوطن العربي والإسلامي وكافة أقطاره وأمصاره ودوله يعاني الأمرين والعلقمين.. مر وعلقم فساد الإدارة الشاملة.. ومر وعلقم الانتكاسات المتوالية اجتماعياً وسياسياً وتربوياً وعسكرياً، الأمر الذي خلف حالة من الذعر، وجواً مشحوناً بالعلق وخيبة الأمل جراء السياسات الاقتصادية التي فاقمت من المشكلة وجرعت المواطن العربي والإسلامي الجوع والفاقة والفقر وارتفاع نسب البطالة في صفوف الشباب، وقلة تدفق الموارد على الخزينة العامة للبلاد، وإشهار العجز الدائم والمتوالي لموازنات كثير من الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي فرض ثورات الربيع العربي للتخلص من الزعامات والقيادات العربية والإسلامية الفاشلة الفاسدة مع أزلامهم وعملائهم الذين شاركوهم في نهب الثروات والمقدرات للأمة العربية والإسلامية في مختلف أقطار العالم العربي والإسلامي طمعاً في الحصول على قيادات وزعامات ربانية تشاطر رعاياها الفقر والفاقة والغناء والسؤدد.. قيادات وزعامات تؤثر مصلحة القوم على مصالحها، وتكف من العبث بمقدرات وثروات الأمة وتصبح نظام الحكم السياسي الذي يجسد الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بما لا يتعارض مع ثوابت الشريعة الإسلامية الغراء ثم الثوابت الوطنية والقومية ولو كنت رئيساً للبلاد لقمت بعمل الأولويات التالية:ـ أولاً:ـ سأعمل على القضاء على البذخ، ومحاربة إهدار ونهب المال العام من خلال الممارسات والمعالجات التالية:ـ 1ـ تجنب الصرف العشوائي الرئاسي بتحديد ميزانية ثابتة ومحددة للرئاسة يقرها مجلس النواب (ممثلو الشعب اليمني العظيم)، وتدرج ضمن الموازنة العامة للحكومة. 2ـ سن القوانين والتشريعات الواضحة والجريئة التي تنظم عملية الحفاظ على المال العام من خلال مجلس النواب، وإحالة المخالفين والناهبين ولو بجزء بسيط من أموال البلاد أو تقاضي الرشوة إلى نيابات ومحاكم الأموال العامة وإنزال التهم والعقوبات المغلظة في حقهم. ثانياً:ـ إصلاح القضاء والعمل على استقلاليته وتطهيره من العناصر الفاسدة عن طريق الآتي:ـ 1ـ تولية العناصر الشريفة والنزيهة أعلى المناصب القضائية وتحريم الحزبية في القضاء طلباً في الحصول على قضاء شريف ونزيه وعادل. 2ـ توجيه القضاة والمحاكم في مختلف المحاكم وسرعة الفصل والقضاء في الدعوات في غضون شهر للقضايا الجسيمة، وأسبوعين للفئات في المدنية والبسيطة ومعاقبة أي قاضي يماطل في إصدار الأحكام. 3ـ تجسيد مبدأ الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية ولا يتدخل المسؤولون ورئيس الدولة في التأييد على أحكام القضاء. ثالثاً:ـ العمل على إصلاح الإدارة الشاملة، وفتح معاهد متخصصة في الإدارة الحديثة مع مواكبة التطورات والنقلات الهائلة في هذا المجال، وتأهيل الموظفين في تلك المعاهد على أن تكون أحقية التعيين في مناصب قيادية في الدولة الحصول على أعلى الشهادات من تلك المعاهد الإدارية. رابعاً:ـ تحديث التعليم والعمل على تطويره باعتباره المنبع الأوحد لتغذية الدولة والحكومة بالموظفين في مختلف التخصصات وتحقيق مجانية التعليم هذا فيما يتعلق بالتعليم العام، أما فيما يخص التعليم العالي؛ الاستمرار في فتح الجامعات والكليات في المحافظات النائية في جميع التخصصات واعتماد ميزانية ضخمة وهائلة للتعليم العام والتعليم العالي تمكن من إحداث قفزة نوعية في تحديث المناهج والمقررات الدراسية وتطويرها بما يواكب روح العصر وبما يؤكد حقيقة الانتماء للدين الإسلامي الواحد وضمان بحث كريم وراقي للمعلمين والمعلمات. خامساً:ـ حماية مكاسب ومنجزات البلاد وفي طليعتها الكهرباء وأنابيب النفط والغاز، والتصدي بحزم وبقوة لمن يحاول المساس بهذه المنجزات كاستهداف أبراج وخطوط النقل الكهربائية أو استهداف أنابيب البترول بالمتفجرات أو التقطع لناقلات الغاز، حيث أرى أن عقوبة من يقوم على مثل هذه الأعمال الإعدام الفوري وإذا قامت أي قبيلة بحماية وإخفاء المرتكبين لمثل هذه الأعمال يكون جزاؤها بالكامل النسف بالطيران والصواريخ لإبادتها بأكملها فلتضحي بعشرين ألف من أجل أن يعيش خمسة وعشرين مليون مواطن بأمن واستقرار وذهاب الإخفاء القسري للكهرباء. سادساً:ـ تقديم خدمة طيبة متميزة وتأهيل المستشفيات والمراكز والمستوصفات الصحية في عموم محافظات الجمهورية والعمل على تطوير فاعلية المستشفيات الحكومية بالأجهزة والمعدات والخبرات الطبية من أجل العزوف عن السفر إلى الخارج وتكليف المواطن والموازنة العامة للدولة الكثير من الخسائر.. سابعاً:ـ العمل على إزالة الفوارق بين مختلف أفراد الشعب اليمني ومحاربة المذهبية وردعها والعنصرية والمناطقية ومختلف النعرات القبلية والعمل على تكوين مجتمع متحضر متمدن لا يؤله القبيلة والحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم تقسيم الوطن. وفي الأخير تلكم في اعتقادي أولويات الحكم الرشيد إذا أردنا أن تنتقل اليمن إلى عصور الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة وعلى الأخ/عبدربه منصور هادي ـ رئيس الجمهورية ـ عذرنا والأخذ منها قدر المستطاع مع التأكيد على إنشاء المؤسسة العسكرية الوطنية التي يكون ولاؤها لله والوطن والثورة.
عصام المطري
لو كنت رئيساً للجمهورية اليمنية 1466