يلعب الإعلام دوراً أساسياً وبارزاً في حركة المجتمعات اليومية وهو من يولد القناعات ويعزز السلوك ويوجه الميول والرغبات ويضع الأحداث ويقلل العظيم ويعظم القليل ويحيل كما يقولون من الحبة قبة وإليه يعزي سر النصر في المعارك الحربية أو بالحروب الباردة التي هي عبارة عن حرب إعلامية ليس إلا، فوظائف الإعلام ومهامه متعددة ومتنوعة وتتداخل مع وظائف ومهام معظم القطاعات الحيوية في الدولة والمجتمع.. ولا بد أن كل وزارة أو مرفق حكومي لا يخلو من إدارة للإعلام, فهنالك الإعلام التربوي وهنالك الإعلام الزراعي وهنالك الإعلام الصحي وهنالك الإعلام الصناعي.. إلخ.
إن الإعلام (المرئي والمقروء والمسموع) يتولى مهام البناء والإعمار الوطني الشامل فهو لا يباشر عملية البقاء والإعمار بل يساهم من خلال تحفيز جميع القطاعات الحيوية العامة في الدولة والمجتمع وهو مكمل هام لجل الاستراتيجيات والخطط الانتمائية والتنموية كونه يخلق رأي عام محفز لعملية البناء والإعمار الوطني الشامل ولحملات التصحيح الوطنية التي تقدم بحملة إعلامية في مختلف وسائل الإعلام في التنفير من الرشوة ومقتها وكذلك الفساد المالي والإداري الذي يقوم به أناس محدودون إلا أنهم يفاقمون مشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية فالإعلام الرسمي يغض الطرف عن تلك الممارسات وتلك التصرفات الرعناء ولا يقوم بعملية توعوية أشدة تستهدف كافة شرائح المجتمع اليمني في وسائله المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة.
إن عمل الإعلام الرسمي لا يقوم على أساس من التخطيط العام المحكم, فضلاً عن كونه لا يحقق خاصية التكامل بين مؤسساته وقنواته الفضائية المختلفة, فثلاث مؤسسات للطباعة والصحافة والنشر تقع على رأسها مؤسسة الجمهورية فمؤسسة الثورة ومؤسسة 14 أكتوبر وقنوات فضائية عديدة رسمية منها قناة اليمن فقناة الإيمان وقناة سبأ خلافاً للمراكز الإعلامية..
المهم أن إمكانات الأمة في إعلامنا الرسمي تهدر ولا تقدم المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية أي رسالة من شأنها أن تسهم في مسألة بناء الوطن وتقدسه لقاء غياب التخطيط المحكم والتكامل الواعي بين شتى القنوات الفضائية وكأن المؤسسات الإعلامية والصحافية وهذا يرجع إلى التخبط في اختيار القيادات الإعلامية والصحفية, فتارة يراعى أن يكون المختار من الحاصلين على مؤهلات إعلامية رفيعة وتارة أخرى يختار المسؤول والقائد الإعلامي والصحفي بمقدار ولائه للنظام السياسي الحاكم بغض النظر عن مؤهلاته، فالمؤهلات في أحايين كثيرة لا تخدم بقدر ما يخدم انغماس القائد والمسؤول الإعلامي في العمل الإعلامي والصحفي وتعاطيه بالخبرة الواسعة التي اكتسبها من خلال الممارسة اليومية سواءً في الصحف الرسمية أم في القنوات الفضائية من قريب أو من بعيد.
إن تخلف الواقع العملي الملموس في شتى المجالات والميادين الحياتية الهامة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً ورياضياً وتربوياً يعود ويرجع إلى تخلف واقع الإعلام الرسمي الذي أصبح في حال لا يسر معه عدواً أو صديقاً, فأين دور الإعلام الرسمي من قضايانا العامة مشكلات الأمة التي هوت بها التباينات والتناقضات السياسية والثقافية والفكرية والمذهبية إلى الحضيض في تمثل حياة الدعة والانشطار والتشظي والانقسام بفعل انحياز إعلامنا الرسمي لفصيل سياسي معين يدفعه ـ من خلال مواده الإعلاميةـ إلى الإيغال في زرع الفتن وتأجيج الصراع السياسي والثقافي بين مكونات الأمة التي تفتقر إلى الإعلام الرسمي الواعي الذي يجمع ولا يفرق ويزيل الفتن ولا يزرعها ويقمع النزوة السياسية بدلاً من إذكاء نيرانها وجذوتها ويغلب الانتماء للدين والوطن على ما عداه من انتماءات حزبية ضيقة ومصالح شخصية رخيصة.. نعم الأمة تفتقر إلى الإعلام الرسمي الواعي الذي يرفض الدس الرخيص والحياة الهابطة, فهو يوحد ويجمع شمل الأمة, فنحن نفتقر إلى إعلام رسمي حيادي يدندن حول الثوابت الدينية والوطنية ويغالي في ردة فعله إذا مس ثابت ديني أو وطني بسوء.
إننا في مسيس الحاجة إلى إعلام رسمي محايد يدندن حول الثوابت الدينية والوطنية ويترجم الشعارات إلى سلوك وممارسات وهذا لن يتأتى إلا من خلال هيكلة واعية لإعلامنا الرسمي تنأى به عن تأليه الأشخاص والأحزاب والجماعات وتقوده إلى فن العطاء والالتزام الواعي والراشد بالثوابت الدينية والوطنية من خلال أسلمة الواقع الإعلامي ووطنيته, كي يقوم بدور مشرف ومشرق.. وإلى لقاء يتجدد بكم, والله المستعان.
عصام المطري
الخلل في الإعلام الرسمي!! 1240