اطلعت خلال اليومين الماضيين على ( رسالة يجب أن تقرأ ) كان قد وجهها الأخ /محافظ محافظة أبين جمال ناصر العاقل إلى أبناء محافظة أبين عبر صحيفة( أبين ) التي تصدر عن المؤتمر الشعبي العام في المحافظة(شهريّاً) ولعل ما لفت انتباهي كغيري من المهتمين بأمور هذه المحافظة تلك الافتتاحية الموسومة : ( إلى أبناء أبين.. رسالة يجب أن تقرأ ) والتي كتبها الأخ / المناضل / جمال ناصر العاقل محافظ المحافظة ورئيس المجلس المحلي.
وأقولها بكل صدق وشفافية ووضوح:
إن أكثر إثارة في هذه الافتتاحية ، رسالة المحافظ التي يجب أن تقرأ؛ مفنداً أسباب هذه ( الفتوى )كأمر قهري يدعو القرّاء -شاءوا أم أبوا- إلى قراءتها ؟.. لأنها في تقديري قد بيّنت دوافعها والمقاصد التي أرادت الوصول إليها وذلك عبر تفنيد سيرته النضالية في معارك المحافظة مع تنظيم (القاعدة ).
إن الأمر يا صديقي ليس هكذا؛ فالصحيفة ليست ثكنة عسكرية للدعوة إلى وجوب القراءة، والفتوى القهرية التي تعلّقت بشروط وضوابط صارمة والتي تنطبق على كل فرد انضباطاً وتنفيذاً للأوامر تحت مبدأ نفذ ثم ناقش ، لا محل لهذا الأمر في الصحيفة ، فأي صحيفة عليها أن تتحلى بالمهنية قبل كل شيء آخر ، والصدق حتى وان كان في حده الأدنى ولا باس من الإثارة الصحفية ، ولكن بما لا يشوه أو يسيء إلى قدسية المهنة الصحفية أو يستفز القارئ، لكن يبدو أن القائمين عليها تعرضوا أيضاً لنفس الأمر" انشر ثم ناقش".
إن الأمر يا صديقي هنا ربما يختلف؛ لأن الدعوة إلى القراءة ليست إلزامية للقارئ وليس عليه واجب القراءة بكل شاردة ووارده إلا بما يحب ويرغب وله الحرية المطلقة وليست المقيدة في اختيار الموضوع الذي يرغب في قراءته.
إن ما يحز في النفس أن كل المواقف البطولية والتضحيات الجسيمة التي قدمها كل الأوفياء من أبناء الوطن والمحافظة وفي المقدمة منهم رجال القوات المسلحة البواسل وأبطال اللجان الشعبية الصناديد قد اختزلهم الأخ ( العاقل ) في شخصيته ، وكان عليه أن يذكرهم قبل ذكر اسمه، لأنه ربما يكون واحد منهم ، وليس افضل منهم لأنهم لم يبخلوا عن تقديم أرواحهم الزكية رخيصة من اجل وطنهم ، وسالت دمائهم الطاهرة من اجل تسقى كل ذرة رمل في وديان وجبال وصحاري محافظة أبين الشامخة لتنبت من جديد أجيال الغد حاملين قيّم الوفاء والشجاعة والعطاء ، يمجدوا روح التضحية والفداء ويقرأون تاريخ كتبه الأبطال بحروف من ذهب لا يصدأ حروف "السيوف الذهبية " ويدرك أحفادنا كم هي عظمة الوفاء في حب الوطن والذود عن حياضه وعزته وكرامته وكم هي عظمة الوطن الذي جاد أبناؤه بأرواحهم من اجل أن يبقى خالداً مخلدا لتتطهر كل مواقع الشرف والبطولة من نجاسة عناصر( القاعدة ) الذين لا يتحركون إلا لتنفيذ (أجندة ) أسيادهم في الداخل والخارج الملطخة بدماء الأوفياء من أبناء الوطن .
لقد كنت أتمنى "وما كل ما يتمناه المرء يدركه ، أن الأخ المحافظ لا يتكلم عن مواقفه الشخصية في معارك البطولة والفداء التي جرت في المحافظة ، فالحديث عن الذات غير محبب ، ولا يليق برجل يقف اليوم على قمة هرم السلطة في المحافظة ويعد داخل المحافظة وخارجها من ( الكبار) فمحافظة أبين يشهد لها التاريخ قديماً ووسيطاً ومعاصراً أنها( ولاّدة) القادة الكبار والرجال الأوفياء ، وأصحاب المواقف الجسورة الذين لا يتحدثون عن انفسهم ، بل حتى وان تحدث الآخرون عن سجاياهم العظيمة ومواقفهم الجسورة لا يحبذون ذلك .. ويرفضونه لأنهم ينطلقون من المبدأ القائل :
انه لا قيمة لتضحياتهم اذا ما قورنت بعظمة هذا الوطن ، والعطاء الدائم لهذه الأرض الطاهرة التي جئنا منها وعشنا ونعيش على ترابها (صغاراً) حتى اصبحنا ( كباراً) وفيها نجد ملاذنا الأخير في الحياة الكريمة حتى يتوفانا الله .. ويأتينا الأجل المكتوب على جباهنا.
وأنت يا جمال العاقل محسوب عند الله بمواقفك البطولية كواحد من هؤلاء الرجال ، فلا تسيء إلى مواقف كنت قد قمت فيها ، ولا تخدشها ، أو تشوهها ، بذكرها 00 وهي مواقف قمت بها بقناعتك الشخصية التي لم تملى عليك من أحد – في اعتقادي – واختيار قد اخترته بمحض إرادتك ولم يفرض عليك هذا أولاً وثانياً كرد اعتبار لوطن أنت تنتمي اليه ، ومن واجبك قبل غيرك أن تقف في مقدمة الصفوف للدفاع عنه وحمايته ، وتطهيره من الغزاة الطامعين الذين عاثوا في أرضنا فساداً منكراً وزادوا بتخريب وتدمير أوطاننا ، فكنت يا جمال جميلاً بمواقفك كواحد من الرجال الذين لا نراهم يأتون ثانية ليمتدحوا انفسهم بما قدموه لأوطانهم ، لأن معدن الرجال الأوفياء - يا صديقي - لا يتكشف للمرء إلا في المنعطفات التاريخية الحاسمة ، وكانت معارك أبين مع تنظيم (القاعدة ) واحده من هذه المنعطفات ، والرجال في كل الأحوال ( معادن ) فمنها ما يغلى ثمنه ونادر ولا تجده إلا في المنعطفات التاريخية الحاسمة ، ومنها رخيص الثمن الذي تجده مع كل ريح تهب على الوطن يتحرك مع حركتها صوب ما يحققه من مكاسب وغنائم حتى وان كانت هذه المكاسب والغنائم لا يجدها إلا على موائد (اللئام) و الأنذال والجبناء .
وفي كل الأحوال علينا أن نفتح قلوبنا وسرائرنا للآخرين ونتقبل ما لا يعجب الناس فينا ، بما لا يخدش كرامتنا أو يشوش من مصداقيتنا ، وان تكون عقولنا سباقه قبل قلوبنا لتقبل تقويم ذواتنا وإصلاح مقاصدنا لذلك كله أدعو ابن العاقل ( جمال ) ألا يغضبه قول الحق وان كان على نفسه وألا يركن على الأوهام فليس الوهم كالفهم ولا الخبر كالعيان.
مدين مقباس
فتوى المحافظ.. و أيام الخريف في أبين 1456