للتعليم أهمية بالغة التنشئة السوية للأجيال في كافة محاضن التربية ومراتع التعليم, فهو الوجه الآخر المشرق للتنمية الشاملة ويعول عليه الشيء الكثير في رفع الأداء العام وصبغ التوجهات بصبغة موحدة تعزز تماسك البنية الاجتماعية, وتجسد قوة التلاحم المجتمعي الخلاق..
فالتعليم طاقة إيجابية متحركة تفصل المجتمع عن حياة الظلام والتخلف والجهل الممجوجة التي يعلو فيها صوت الهرطقة والأوهام والأكاذيب والإفلاس الحقيقي الروحي والمادي في أجواء مشحونة بالسلبية والتدافع السلبي الآمن في شتى مجالات الحياة سياسياً واجتماعياً وتربوياً وإعلامياً واقتصادياً.. إلخ..
فحينما حقق الاتحاد السوفييتي ـ سابقاً ـ سبقاً على الولايات المتحدة الأمريكية في ارتياد الفضاء عزت الثانية سر التخلف عن السبق إلى قصور في النظام التعليمي التربوي.. وعندما عزت الولايات المتحدة الأمريكية ذات مرة أزمة اقتصادية خانقة أرجع خبير اقتصادي أمريكي كبير سبب الأزمة تلك إلى قصور في نظام التعليم, فشمرت الولايات المتحدة سواعد المعالجات والإنجاز واهتمت بالتعليم اهتماماً بالغاً دفعها إلى رصد الميزانيات الضخمة والاهتمام بالمعلم ورفع مستواه التعليمي والمادي والمعيشي ومواكبة المستجدات والمتغيرات في سماء الإنجاز التعليمي, فكان لها أحقية الانطلاق في الفضاء الواسع في الكون مترامي الأطراف حتى تمكنت من أن تضع يدها على تعليم عام وتعليم جامعي متميز, فاهتمت بمدخلات التعليم وتمكنت من ضمان جودة المخرجات.
ومن هنا أود أن أؤكد بضرورة الاهتمام بالتعليم وبمدخلات الحيوية الهامة في الجمهورية اليمنية وأن نبادر إلى وضع الاستراتيجيات والخطط الإنمائية للتعلم صوب الحصول على تعليم مركزي لجميع أجيال الجمهورية اليمنية.. تعليم مركزي تظهر فيه ملامح ومعالم الوحدة الوطنية الشماء في مختلف مستويات العملية التعليمية والتربوية.. تعليم مركزي يناهض إملاءات العنصرية البغيضة وإيحاءات المذهبية الفاشلة والمناطقية الرخيصة, بحيث يكون التعليم للجميع في ظل الجمهورية اليمنية الواحدة الموحدة.
إذاً يجب أن يظل التعليم بمنأى عن المكايدات السياسية والحزبية الهابطة بمنأى عن المناكفات والمزايدات, حيث يحب أن تقرر مناهج التعليم العام في كل المحافظات وحدة الوطن الواحد الموحد والحفاظ على الوحدة الوطنية والعزم نحو مجتمع لا يقهر ووطن لا تسحقه المتناقضات ودولة فاضلة وشعب عظيم يحب وحدته الوطنية ويسعى في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية للذود عنها والحفاظ عليها بكل قوة واستبسال وشجاعة واقتدار وحنكة.
إن المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون التعليم مركزياً في دولة تنتزع أي عطاء صلاحيات واسعة للوحدات الإدارية المختلفة صوب تقليص المركزية الخانقة, بيد أن التعليم هو المجال الوحيد الذي يجب أن يبقى مركزياً وهذا ما نتمناه في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي يجب أن تؤكد على مركزية التعليم العام بغية إنتاج جيل وطني موحد لا تفرقه المذهبية البغيضة التي ستفسد التعليم في حالة اعتماد تعليما عاما لا مركزي في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي نبني عليه آمالاً عراض وأمنيات جساماً يجب أن تحقق على أرض الواقع العلمي الملموس باتجاه كتابة العافية الشاملة للأمة اليمنية الواحدة التي من المقرر أن تخوض غمار التجربة الإنمائية التنموية بتعليم متقدم متطور يدفع بالأمة صوب إعمال العقل وشحذ الهمم وإفراغ الطاقات إفراغاً إيجابياً يصب في بوتقة التجديد والتحديث وإشعال فتيل التنمية المستدامة الشاملة في جميع مجالات الحياة العامة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وأمنياً وثقافياً وعسكرياً في سبيل الانتصار للأمة وتخطي بعبع التشظي وهول الانقسام وآفات التشرذم واختلال وحدة صف الوطن الواحد واعتلاء موجبات الانشطار القسري في ظل غياب الاستبصار السياسي والتربوي الذي يفضي إلى حالة أشبه ما تكون بحالة الاحتضار والاستلاب الثقافي في عالم يعج بالمتناقضات ويهرول إلى مساحة كبيرة لصحراء قاحلة تنعدم فيها الأخلاق الفاضلة والمثل والقيم والمبادئ السامية التي توحد بين أمشاج النسيج الاجتماعي الواحد تحت راية الحق المطلق المنزه عن حياة الدجل والهرطقة والوساوس والأوهام التي تحتل مكانة كبيرة في عقول أنصاف المتعلمين الذين يعرضون طاقاتهم الإبداعية للضغوط اليومية التي تحدث انكسارات متوالية.. المهم علينا أن ندفع بنحو تعليم راقٍ مركزي يحافظ على وحدة الأجيال المتعاقبة.
عصام المطري
التعليم في مؤتمر الحوار الوطني!! 1289