شهدت مدينة زنجبار توافداً لأفواج من مهمشي تعز وفي ظل صمت وتخاذل من الجهات المعنية والسلطة المحلية بالمحافظة, وكما هو الشأن بالبسط على المرافق والمؤسسات الحكومية من قبل نفر (أشخاص) بحجة التضرر من الحرب والمطالبة بالتعويض اللازم وهي الحجة التي يلجأ إليها هؤلاء لتبرير فعلهم رغم تعرض غيرهم لأسوأ مما تعرضت له منازلهم ورغم ادعاءات باطلة لبعض الأفراد الذين وفدوا إلى العاصمة من مديريات أخرى تلبية لإشباع شهية الفيد والبسط والتي امتدت إلى العاصمة عدن وبنفس الحجج الواهية مستغلين نكبة المتضررين "فمصائب قوم عند قوم فوائد".
ولم يتوقف الأمر على أبناء المديريات التابعة لمحافظة أبين, بل تجاوزه حيث تم البسط على المنطقة الأثرية الواقعة شمال زنجبار بالكامل وما "حد أحسن من حد", والمسألة بدأت بنصب العشش الواقعة المؤقتة للراحة من شعثاء السفر, تلاها قيام بعض المنظمات بتسجيل هؤلاء الوافدين على أنهم من النازحين العائدين وبالتالي تعهدت بتوفير منازل خشبية (صنادق) لهم لتصبح الإقامة دائمة, ما تسبب في ذهاب العدم إلى غير مستحقيه من جانب, ثم إن البسط على المنطقة المسماة بكود العاشقين أو اللحافين بعد طمسها لمعالمها وإيذاناً به من جانب آخر.
الجديد أن عمليات التنقيب قد تمت في العهد البريطاني ولا نعلم ما نتائجه وإبان الاستقلال ظلت المنطقة على حالها وتم الحفاظ عليها حتى يومنا هذا, فجميع من تعاقبوا على قيادة المحافظة تعاهدوها تارة بالتسوير وتارة بفرض حراسة أمنية مشددة على رأس الكثيب الرملي الذي طمس معالم المدينة الأثرية في باطنه لتظل المنطقة خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.
وبالمناسبة فإن الشواهد التي تؤكد مذهبنا العثور فيها وعن طريق الصدفة على الذهب, فضلاً عن الأواني الفخارية التي أجهز عليها الزمان والإهمال وعدم الوعي وأيضاً العبث الذي حصل قبل عقدين, حيث أقدم بعض المواطنين على الحفر واستخراج الأحجار من الأثريات أو البقايا من المباني القديمة وإعادة الاستفادة منها واستخدامها أساسات لمنازلهم, إلى أن منعت السلطات المتعاقبة عمليات الحفر ولم تسمح بالمساس بها.
بقي أن نؤكد أننا لسنا ضد التعاطف مع هذه الفئة, لكن ليس بهذه الطريقة المجحفة بحق المحافظة وتراثها الذي تنبه له البريطانيون وأهمله اليمنيون وغض الطرف عنه المسؤولون.. مع عدم التأكيد على أهمية إعادة التنقيب والاكتفاء بإبقائها كما هي عليه لتأتي الأحداث المؤسفة بعد ذلك لتجهز على البنية التحتية للمحافظة وتحديداً العاصمة الجريحة التي تتألم حتى اللحظة.
عفاف سالم
زنجبار.. اقتحام لمرافق حكومية وبسط على المنطقة الأثرية 1246