يوماً بعد آخر ودور الحكومة في معالجة القضايا التي تعترض باذاها سير هذا الوطن آخذ بالانحسار والتلاشي،، ليست الحلول غائبة إنما القائمون عليها في تيهٍ وغياب،،وأي تيهٍ أكبر من هذا الذي أسرج على صهوة الفوضى وطنا بحجم يمننا السعيد؟! غابت الحكومة فحضرت البدائل المهترئة البائسة لإطلاق رصاصة رحمتها على ما تبقى لهذا الوطن من حضور!! يسهب المرء وهو في معرض حديثه عن هذه الخلطة الحكومية المثيرة لكل هذا الوجع الوطني المستشري، المخيف،، عن جدوى بقائها وهي العاجزة تماما عن تحقيق ولو ما نسبته ١٪من آمال المواطنين وهمومهم ومشاكلهم، إلا إذا ما استثنينا ذلك الإنجاز المعجزة المتعلق بتحويل يوم السبت من يوم عمل إلى يوم عطلة!!فضلا عن حضورها اللافت عند التاسعة مساء من قناة الوجع الفضائي العمراني المزمن!!! لقد صفقت القلوب للتوافق على اعتباره الملاذ الآمن لأحلامٍ يتهددها الضياع، اتضح العكس تماماً وبدا التوافق مجرد فقاسة وهمٍ لإنتاج المزيد من "كتاكيت الخرط " البلدي ليس إلّا!! حضر المتوافقون شكلاً استدعوا كل المظاهر اللافتة لذلك؛ تصافحوا، تعانقوا، ضحكوا كثيراً، التقطوا الصور التذكارية الباسمة،،لكن الجدية والمصداقية والإخلاص غابت كمضامين هامة ومحددات فاعلة للنجاح،،وماذا الاحتباس المخيف للحلول إلا انعكاس حقيقي لذلك. ألم يكن على الساسة وهم يقطعون خطواتهم الأولى نحو التوافق, أن يتخلصوا-قبل أن يلجوا بوابة الحوار الوطني-من عُقَد الماضي وكوابيسه المزعجة وان يثِبوا بمصداقية نحو مربعات الولاء الوطني الكابح لجماح النزوات الشخصية والحزبية التي كبدتنا ولا تزال خسائر فادحة ضمن محاولاتنا الخجولة للانعتاق من واقع وقَعَ ولا يزال تحت قبضة الفوضى والضياع منذ زمن طويل, ما الذي كان ينقص الوطن وفي هذه المرحلة الحرجة الحساسة بالذات؟ أكان ينقصه إعادة استجرار لغة المناكفات البذيئة الساقطة وفتل واستحضار عضلات الكيد والكيد للآخر!؟ هل كان التوافق فقط من اجل أن يقصف كل طرفٍ ثكنات الآخر بأسلحة الحقد المدمرة والتي كانت مع كل حماقة تقوض جزءاً من حلمنا الشاهق بغدٍ تورق من خلاله النجاحات!؟ لماذا توافق المتوافقون؟ أليس من أجل هذا الشعب؟ أليس من أجل تغييرٍ ينظر بالدرجة الأساس إلى هموم الناس الغلابى المسحوقين تحت عجلات السياسة وتفحيطاتها الطائشة المثيرة للمواجع والأسى؟ إنّ هذا التوافق يا كلّ ساستنا الأعزاء : لم يأت من اجل "زعطان "الحزب أو "فلتان" القبيلة فتلك-لعمري- قسمة ضيزى... لقد وُجِد التوافق من اجل خوض غمار الحياة بروح الفريق الواحد المتجانس الفعّال وُجِد التوافق لرتق وترميم التصدعات التي أحدثتها, آلة المماحكات والمناكفات في جسد هذا الوطن الكسير وُجِد هذا التوافق ليصرخ في وجه القراصنة والنخاسين كفى.... ليخدم وطننا وليس وطرهم. مصالحنا الواسعة كشعب اعزل إلا من وطنيته, لا مصالحهم الضيقة كفئة أو جماعة أو قبيلة أو حزب... جاء ليحمي ذاتنا، لا ذواتهم المتخمة بالأطماع، والجشع واللؤم.. سنكون وهذا الوطن من أقصاه إلى أقصاه،،،اكثر حضورا بغيابهم، اكثر قوة بضعفهم اكثر حياة بموتهم. . سنكون افضل حالاً بحكومة تمثل هذا الوطن لا أن تمثل به،،ولن يتأتى لنا ذلك إلا بحكومة مدججة بإرادة الشعب لا الحزب... الديمقراطية المختلفة وهذه هي القشة التي قصمت ظهر الوطن ولا تزال!! التوافق وهذا حاله خرق يتسع، ولا راقع وإن استمر فسنصبح على وطن عار من كل شيء إلا الحقيقة حقيقة أننا الشعب الذي ارتدى التغيير فتردّى!!
غيلان العماري
التوافق الوطني...إكرام الميت دفنه 1393