عندما ندرك أن الأعداء والأشقاء والأصدقاء هدفهم من تقسيمنا والإشفاق علينا بمقترحاتهم هو الاستيلاء على السواحل اليمنية وعلى البحر ..فالركض يقصد به العدو والسرعة. .إما هرباً من شيء وإما قصد الوصول إلى مكان ما سريعاً...ونظراً لخطورة الموقف الحالي وخصوصاً عندما تتكالب علينا الأمم وتتسابق على تمزيق هويتنا أخوتنا ..ونحن منقسمين روحياً واجتماعياً وسياسياً ومناطقياً وفكرياً.. قبل أن نكون موحدين جغرافياً وسياسياً ونظامياً.. فاصبحنا اليوم لا نستطيع أن نفرق بين الصح والخطأ. .وبين الحالي والمالح.. ولا نستطيع أن نميز الخيط الأبيض من الخيط الأسود من اليمن.. ولا نستطيع ندرك واجبات الشعب والوطن. ولا نعرف السياسي من المستقل.. ولا المتدين من الملتزم.. ولا الأقاليم من المناطق. .ولا الدولة الاتحادية من الدولة المركزية. .ولا السلطة من المعارضة.. ولا الثورة من الجمهورية. .وهكذا. .من هذا المنطلق يبدو أن المشهد السياسي في اليمن يناقض ويعاكس ويختلف ويعادي ويلعن نفسة بنفسة. .انشغلنا بأنفسنا وتناسينا مخططات الأعداء التي تعمق ثقافة التشظي والانقسام والصراعات المناطقية والعرقية والمذهبية والنفوذية بيننا. .فالمشكلة ليست وحدة.. أو انفصال. .المعضلة هي ثقافة النعرات العنصرية والمناطقية والمذهبية. .حتى اذا انفصلت الجنوب عن الشمال. .هنالك لا تستقر الجنوب ولا تستقر الشمال. .فمثل هذه التبعيات والتباينات والاختلافات الغير منطقية والغير مقبولة أصلاً في سلوكياتنا وعاداتنا نحن كا يمنيين. .أو كا عرب ومسلمين على الأقل. .المهم ..فالتوجه إلى اللون الأزرق بات ضرورياً للوطن. .لعلة يعيد النظر في أبنائه ولعلة يستأنس بنفحات تلك الأمواج المتلاطمة. .ويستنشق هواء تلك السواحل الرائعة. .ولعلة يخفف من حسرته ومعاناته من شعبة المخدوع...ولعلة يستنبط من البحر الحلول لكل مشاكل وطموحات وفقر وضعف شعبة المظلوم. .فالبحر وما أدراكم ما البحر فيه من المنجات والمساحات والشواطئ والموانئ المتعددة والمحميات والتربة العذراء والجزر والمواقع السياحية والمنافذ والممرات الدولية والثروات السمكية وتعدد أنواعها. .وهذه الملفات لم تمتلكها أي دولة في المنطقة... فينبغي على المعنين.. والمشرفين.. والداعمين.. والفقراء والمحتاجين.. والمستضعفين.. والصامتين ..والمتنافسين.. والمتسابقين.. والاقتصادين.. والسياسيين.. والعسكرين. .والمدنيين.. أن يدركوا أن اليمن على مفترق طرق حتمية.. فربما البحر هو الملاذ الأخير اذا لم يكن لنا ونتسابق علية...فو الله انه سيكون لغيرنا...اذا لم نركض ونعدو اليه فسوف يسبقونا من يشفقوا علينا...فالبحر هو المشهد الأمن والمستقر والملف الطازج الذي لم يفتح بعد. .يجب أن تتجه الجهات المعنية إلى استراتيجية توزيع السواحل والمنافذ والموانئ والتقييم والدراسات والتقديرات والمفاضلات..ينبغي أن تكون جميعها صوب البحر. .وباتجاه اللون الأزرق. .كانت الدولة الجديدة كالسلطة مركزية موحدة أو كانت دولة اتحادية مقسمة المهم. .البحر هو المنقذ وهو الحصن لكل هامة وطامة ..وهو المعالج الوحيد الذي يستطيع أن يحكم الجميع ويشبع الجميع وينصف الجميع ويؤمن الجميع...لأن البحر صادق ومخلص ولا يقبل أن يعيش فيه الأموات والمرضى والموميات والأصنام والمتغطرسين والمتنفذين والمنافقين والعملاء وهو الوحيد الذي لا يقبل التشطير ولا يقبل القسمة على اثنين ولا على ستة ولا يقبل التجوير ...والله المستعان.
د.فيصل الإدريسي
اليمن تركض نحو البحر 1276