كان بوسع القانون أن يأخذ مجراه لولا أنّهم وقفوا في وجهه واحتشدوا بكل غوائلهم لاغتياله وإسقاطه! لا يد للقانون فيما يسقُط فيه هذا الوطن من مشاكل ومحن وتداعيات،، اليد الآثمة الوالغة في كل ذلك هي تلك المتسخة بعدم تنفيذه والماضية بشَبقٍ مسعور لكسر شرفه وطهارته رغم أنف واقع هو أحوج ما يكون اليوم لإعادة تأهيل عاجلة بعد أن استلبه اللصوصُ أهليتَه وعافيته فتاهت بقافلته السّبُل والدروب، بينما كانت الكلاب كالعادة لا تتوقف عن النباح يمثّل القانون يدُ الدولة المُثلى لاستزراع السَكِينة العامة والطمأنينة في حياة الشعوب، وتأثيثها ببسط العدالة الوثيرة، لكنّ الدولة هنا ظلّت كسيحة لا إرادة لها،،وظلّت كل أدواتها الفاعلة ترزح تحت إقامة النّافذين الإجبارية وعتاولة الفساد الذين ظلّ حضورهم المقرف لا يفتأ يكبّد هذا الوطن خسارات متلاحقة لن يكون أبرزها كل هذا الغياب الرسمي الوخيم!.. سيكون بوسع الرغبات أن تحدد ملامح العدالة، وستكون دمامل الولاءات الشخصية الضيقة والمحسوبيّة والواسطة والرشوة أكثر طفَحاً على جسدها المنهك الهزيل.
بالأمس قالت وزارة الإدارة المحلية وهي في صدد ردّها القانوني اللافت على وقوف بعض أعضاء المجلس المحلي لإحدى المديريات -بدعم من إحدى الشخصيات النافذة بالمحافظة-وقوفهم ضد تمكين أحد المعينين قانوناً لإدارة المديرية عاصمة اليمن ذات عهد غابر مضى، وتشبّثهم بالمدير السابق (الذي أفنى عمره-كما تقول ذرائعهم- في خدمة المديرية لأكثر من ١٥سنة).. قالت الوزارة وبما يستحق الإجلال والدهشة بأنه كان على المجلس المحلي ألاّ يقف حجر عثرة أمام تنفيذ القانون تلبية لرغبات شخصية وكان الأولى به مساندة القانون لا العكس!! شعرت وأنا اقرأ ذلك الرد الحصيف المرسل للتنفيذ بشيء من التعافي وبدأت قوى الإحباط تنسل خلسةً فقلت لنفسي: بمثل هكذا رد ننتصر للقانون وقبلاً لوطنٍ غافٍ على جفن الاسى منذ أمدٍ بعيد، فضلاً عن انتصارنا للمبادئ والقيم وأهلها -وما أقلّهم-من شرفاء هذا الوطن العظيم!. ولأنّ ما "زبيبة إلا بعودي" كما يقول مثلنا العامي فقد ظهرت في وجه القانون وتنفيذه كثيراً من "العيدان" الواخزة التي تنغّص حلمنا بالحياة في ظل واقعٍ تشرق فيه قِيم العدالة ومن ذلك وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كمحددٍ رئيسي لصنع حاضرٍ باذخ النّماء والتنمية, لم يتمكن الرجل من عمله حتى اليوم والسبب شخصي بامتياز.... وما بين صدور القرار والتمكين من العمل تضاريس وعرة من مدّ النفوذ والمحسوبية على حساب القانون وأهله وسيكون على المسؤول المباشر في تعطيل القانون أن يتحمل تبعات كل هذا الانحراف في المسؤولية واستغلال السلطة لتنفيذ مآرب خاصّة... هذا إذا كنّا نعيش -فعلاً- في ظل دولة تحرّرت كما نسمع من ربقة المحسوبية والولاءات الشخصية العفنة؛ مالم فإن الإحباط القسري أن يعود مدججا بذات السؤال الأزلي الكئيب:
"إذا كان غريمك القاضي.. من تشارع"؟؟
غيلان العماري
إذا كان غريمك القاضي..؟ 1432