ليس بالصوت العالي أو استعراض العضلات وإلقاء الشتائم وتوجيه الاتهامات تكتسب الحوارات التلفزيونية سخونتها وجاذبيتها لدى المشاهد.. فهناك فرق كبير واضح بين حرية الرأي وحقك في أن تقول ما شئت بأسلوب عاقل متزن وبين أسلوب "الردح" وفرش الطراريح "الملاءات" على طريقة "كله قبل ما يؤكلك" إن الحرية التي نشهدها جميعاً لا تعني التجريح أو الذم في حق الآخرين دون سند أو دليل بل أن تقول رأيك دون أن تحجر على الآخرين في إبداء آرائهم والحديث يطول عن مدى تردي الحوارات المتعلقة بالحوار الوطني حالياَ أو عن ما يدور حول أزمة الرياضة وخاصة الرياضة الكروية بين الأطراف المتحاورة وغيرها التي تتورع في استخدام قاموس الشتائم والضرب بالأحذية وقنينات ماء الشرب ونحمد الله أن الحوارات كانت تتم عبر الهاتف الأرضي والسيار وإلا كان "الدم للركب" وهذا يدعونا إلى المطالبة بوجود "ميثاق شرف" تلتزم بنوده بالآداب العامة والحفاظ على مشاعر المشاهدين وآذانهم من أن تلتقط ما يخدش الحياء ويمس الأعراض والحياة الخاصة بين الأطراف المتحاورة.. هذه البنود يجب أن تسود وتحديداً في برامج الهواء التي تعتمد على البث المباشر حتى لا يفاجأ المشاهد بكرسي الجلوس أو فردة حذاء منزوعة من قدم صاحبها لتستقر في وجه من يعتقد أنه خصمه لمجرد اختلافه معه في الرأي على مائدة الحوار لتصبح في هذه الحالة ساحة للاقتتال ويخطئ من يعتقد أن وجود مثل هذه الضوابط في أدب الحوار يتعارض مع حرية الرأي بل أنه يدعمها ويرسخ مفهومها في مجتمع يسعى للتحضر والرقي ونبذ عادات الجاهلية.
وإذا كان لا وجه للمقارنة بين "سقاطات" البيت بيتك الأخيرة والحوار الجريء والصريح الذي يجريه البعض من مقدمي برنامج هذه الحوارات الهادفة.. ما أسهل الكلام وما أكثر الاقتراحات التي تبيه لنا الحلول للعديد من مشاكلنا.. الكلام جميل والاقتراحات أجمل ولكن التنفيذ لا يكاد يبدأ حتى نجد سداً منيعاً يقف أمام تحويل المقترحات إلى عمل وخروجها إلى حيز التنفيذ.. هذا السد للأسف الشديد ليس من حديد وأسمنت لكنه مكونه من عنصرين رئيسيين هما السلبية والروتين.. ارتفاع الأسعار ـ مثلاً ـ كلنا نصرخ ونولول من أن كل شيء في السوق قفز سعره إلى مستويات غير مسبوقة والكلاب في هذ الشأن يطول.. ونحن نعرف جميعاً أن الحياة عبارة عن كفاح طويل.. وهذا الكفاح يتطلب الكثير من العوامل المساعدة والمساهمة في تواصل هذا الكفاح الذي تفرضه علينا الظروف الحياتية المختلفة وأول هذه العوامل هو العلم ثم الثقافة ثم الفكر ويجيء مع كل هذه العناصر.. الإرادة فإنسان بلا إرادة هو إنسان ضعيف متخاذل فقير الفكر.. وهناك من صعدوا سلم الحياة والاستقرار بعد معاناة وكفاح تاريخي رائع وعرفوا كيف ينتهزون كل فرصة بسيطة متواضعة لتحويلها إلى فكرة تنبض بالحياة فكان النجاح والنجاح لا يؤدي إلى التألق مادياً ومعنوياً كما أنه يؤدي إلى السعادة والبهجة والاستقرار, لكن أحياناً الظروف الحياتية لا تخدم بعض الناس وأحياناً أخرى نفس هذه الطروف تخدم مع هؤلاء طوال حياتهم ربما يقف معهم أحياناً.. ربما يساعدهم في موقف معين.. لكن.. ليس هناك حظ متواصل باستمرار مع شخص معين بالذات في الأخير رأيت أن أنهي كلامي بهذه الأمثلة كإضافة إلى كلامي آنفاً.
ـ إن العلن واسع ولكن عقول الناس هي الضيقة.
ـ نحن هذه الأيام أكثر حاجة إلى ترميم ثقوب الضمير.
ـ أعجب هؤلاء.. يدهشون إذا رأوا رجلاَ شريفاً, مع أنهم يجب أن يدهشوا إذا رأوا رجلاً لصاً..
ـ النجاح له أب واحد.. والفشل له مائة أب..
أحمد عبدربه علوي
كلام يجر كلام!! 1148