إن الله تعالي سوى بين المرأة والرجل في أصل ألخلقة، وبين ذلك جليا في القران الكريم ، فبين الله عز و جل أنه قد خلق الناس:{ مِن نفسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء } ، وقال لهم : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى } ، كما بيّن الله سبحانه بأنه قد خلق هذه النفس البشرية ، ذكراً كانت أم أنثى ، خِلقة سوية لا عوج فيها:{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا }الشمس : 7 ، وقوله تعالى: { الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} الانفطار 7 ، { فَخَلَقَ فَسَوَّى , فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى } القيامة : 38 ، { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }التين : 4 . فزوج آدم لم تُخلَق من ضلع أعوج كما في الاسرائيليات ولم يُشِر القرآن أو يلمّح إلى ذلك ، وكذلك لم يُشِر إلى أن هناك من بني آدم مَن خُلِقوا سادةً وآخرين خُلِقوا عبيداً أو هناك نساء خُلقنَ شريفات وغيرهن خادمات، وهذا التساوي في الخِلقة يقتضي التساوي في المسؤولية ؛ ولهذا سوّى الله بينهما في المسؤولية عمّا كان منهما في مرحلة الخلق الأول: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ , وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ , فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ , قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الأعراف 20 ـ 23 .
فلم تكن زوج آدم الأنثى هي التي استشرفها الشيطان ونسّق معها سراً ضد آدم، وليست هي التي وقعت أولاً في أحابيل الشيطان ثم أغوت زوجها كما تقول روايات أهل الكتاب المحرّفة، وانساق جهلة المسلمين معهم، بل لعلّ الألفاظ تُحمّل أدم الجزء الرئيسي من المسؤولية لقوله تعالى: { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } طه 150 ، { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ } طه 110، { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} طه : 121.والله الموفق
محمد سيف عبدالله
التساوي في أصل الخلقة 1384