أيها الموظفون، أيها المدراء، أيها المسؤولون، اتقوا الله فيما وليتم عليه، وضعوا الرجل المناسب في المكان الجدير به، فلا يسند منصب ولا وظيفة إلا لصاحبه الذي تترقى به كفاءته وصفاته, ولا مجال للقبيلة والعمعمة والقرابة والعصبية.. فلان ابن شيخ...وعلان ابن العقيد أو اللواء...وزعطان ابن رجل الأعمال.. وذاك من طائفتي.. وهذا من حزبي، فلا اعتبار للمجاملات والمحسوبيات، فلا يسند منصب ولا وظيفة إلا لصاحبه الذي تترقى به كفاءته وصفاته، فلا اعتبار حتى الصحبة لا ينظر إليها، فالنبي اعتذر لأبي ذر لما طلب أن يستعمله بل وحذره من خطر ذلك عليه، مما يعرفه عنه.
وقد يكون الرجل حسن السيرة، وحسن الإيمان لكنه ليس أهلاً للمنصب، فيوسف عليه السلام، رشح نفسه لإدارة المال، ولم يذكر نبوته وتقواه، بأي شيء طلبها إذا؟ بل طلبها بحفظه وعلمه، قال أجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم, فالأمانة تعني أن تختار الأحسن، فإذا عدلنا عن الأحسن إلى غيره بهوى أو رشوة أو قرابة، فهي والله خيانة للأمة وخيانة للأمانة بتنحية القادر وتولية العاجز .
عن معقل بن يسار، قال : سمعت رسول الله يقول ( ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية, يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة) وفي رواية لمسلم ( ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجتهد لهم أو ينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة ) فيا كل موظف ويا كل مدير، ويا كل مسؤول، ورئيس، إن الأمة التي لا أمانة فيها هي التي تنتشر فيها الرشوة وتهمل الأكفاء وتبعدهم وتقدم من ليسوا أهلاً للوظائف والمناصب، وهذا من علامات الساعة، كما قال r : (( إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة )) فقال: وكيف إضاعتها؟ قال : (( إذا وسّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة )) فالأمة التي لا أمانة فيها هي التي تعبث فيها الشفاعات بالمصالح وتطيش بأقدار الرجال الأكفاء لتهملهم وتقدم من دونهم، فتنبهوا واحذروا وأخلصوا.
نسأل الله أن يعينكم ويسددكم فأنتم على ثغر جسيم، وخير عظيم، متى صدقتم واستعنتم بالله، وأديتم الأمانة على أكمل وجه خشية أن تحل بكم صاعقة العذاب الهون, ويحل عليكم غضب الله وسخطه فكونوا عند حسن ضن ولاة أمركم وثقة من وليتم عليهم.
هشام عميران
همسات للموظفين..الرجل المناسب في المكان المناسب (3) 1299