في وطنٍ مثخنٍ بالتشظي والانفلات،
تبدو مهمة إدارة الواقع الأمني
من أصعب المهام الوطنية وأعقدها،،
وقد يبدو حظّ من أُوكل إليه أمر هذا
الواقع في النجاح كحظِّ مَن يراهن
على السيطرة على قطرات الماء في راحة يده
أو كمن يراهن -مِن منحدرٍ-
على تحزيم كميّة من
"البطيخ" الأبيني وربطها
بواسطة خيط رفيع!!
استهلال قد يُوصمُ بنظرته القاصرة المحبطة التي لا تتعدى النصف الفارغة من الكأس.
لكني على ثقةٍ في كونها مليء بالحقيقة،،
حقيقة أن أمام قادة هذا البلد الأمنيين وأخصُّ منهم معالي الأخ عبده حسين الترب وزير الداخلية الجديد تحديات جسيمة ستحول أو تحاول أن تقف عائقاً دون تمكنهم من إلقاء القبض على غريم هذا الشعب الأزلي:
الانفلات الأمني، على اعتبار أن مؤشرات الواقع تعاضد حقيقة أن :
"مخرّب غلب ألف عمّار"،،
لست هنا في مقام التبرير المسبق لإخفاقات قد تأتي وتطال هذا الشعب بقسوتها وأذاها؛ ولكن من باب استعراض الواقع بكثيرٍ من الواقعية الرافضة لإسقاطات مسرفةٍ في الحلم تجعلنا نستيقظ معه على حقائق لا تفي وإن بالحد الأدنى من الطموحات والآمال!!
هذا هو أصل واقعنا المعاش اليوم
لكن سيكون بمقدور معالي الأخ وزير الداخلية وبتكاتف الشرفاء والشركاء من حوله ، أن يجعله استثناء وذلك عند أن يتمكن من وضع كثيرٍ من النقاط فوق وتحت حروف الجملة الأمنية التي ظلت عصيّة على القراءة والاستيعاب.
وقد أزاحت الأيام القليلة السابقة من توليه العمل الستار عن بعض أجزاء اللوحة الأمنية التي هو ماضٍ في تشكيلها على نحوٍ من التميز لا نمتلك إزائها إلّا أن نطلق لساقي غبطتنا وسرورنا العنان.
هو الرجل "الصح"...هكذا تقول أيامه الأوَل من المسؤولية، لكنه على ما يبدو جاء في الزمان الخطأ، وها هنا- فقط - تتجلى معادن الرجال.
أتى ورماح هذا الوطن قد تكسّرت ليس آحاداً فحسب، وإنّما بشكل جماعي منتظم يدعو للحسرة والأسى!.
أتى ومخالب الجريمة قد ناشت الجسد الأمني فأنهكت مِن قُواه، وجعلته ينتقل من مرحلة الثبات والجرأة والإقدام إلى مراحل متراجعة من القلق والخوف والتوجس.
وأنّى لخائفٍ متوجّسٍ ألّا يتعثّرَ أو يحالفه النجاح يوماً فيمنح غيره السلامة والأمن!؟
هل نذكر قاعدة "فاقد الشيء لا يعطيه"؟
إنّها تظهر هنا بجلاء ووضوح!!
لذا يبدو من الضرورة بمكان أن يستعيد هذا الجسد عافيته قبل كل شيء،.
وذلك حتى يتمكن من القيام بدوره على أكمل وجه وها هنا -في نظري-تبدأ الخطوة الأمنية الأولى للرجل؛ إعادة الثقة إلى كافة منتسبي الجهاز الأمني وترميم كل تلك التشوهات والتصدعات التي أحدثتها الأيام البائسة في جسده، فأسقطته منزوع الإرادة والعزيمة واستلبته الكثير من مزايا العيش الكريم فغدا متكدساً خلف أسوار التفلت والضياع!!
ولن يتم ترميم ذلك إلّا من خلال المسارعة في بذل كل ما من شأنه استعادة تماسكه وثباته وبثّ واستثارة الروح الوطنية في جسده الخواء
وضخ الكثير من الحوافز المادية والمعنوية نحوه توازياً مع الشحن التوعوي المستمر بأهمية وقداسة الاعمال الموكلة إليه،،وفداحة الإهمال والتقصير،،،
وللحديث بقية.
غيلان العماري
عطّار الداخلية وإصلاح ما أفسده الدهر! 1153