يبدو أن حالة الغضب أفقدت الجنوبيين التمييز بين الصديق والعدو، والظالم والمظلوم والحق والباطل والخطأ والصواب.. تركز هدفهم على الخلاص مما هو قائم بصرف النظر عما هو قادم.. والخشية أن يكرروا الخطأ.. انتقلوا بعاطفة الحب الأعمى إلى الوحدة.. وينتقلون بشعور الكراهية الأعمى إلى وضع غير محسوب..

هاجت مشاعرهم فدخلوا الوحدة وقاتلوا في سبيلها بأحلام غامضة وآمال غير محسوبة، وحين لاحت المساوئ وتبخرت الآمال هاجت مشاعر الكراهية فنادوا بالخلاص منها دون رؤية واضحة وخطوات محسوبة وإذا بهم في كل مرة يبكون على الزمن الذي بكوا منه.

يرحم الله الزبيري حين سأله الرباعي في الخمسينات من القرن الماضي عما سيعمل الأحرار بعد الخلاص من الإمام؟ فأجاب الزبيري بانفعال: لا داعي للتفكير في ذلك الآن، لأننا سوف نختلف.. علينا أن نخلص من الإمام أولاً.

خلص الزبيري من الإمام، وخلصت الجمهورية من الزبيري والنعمان والإرياني والحمدي وضباط سبتمبر وأحرار نوفمبر و14 أكتوبر.

 يا ترى لو سئل الزبيري بعد هذه الرحلة الطويلة.. هل كان على حق في رفضه التفكير والتخطيط للمستقبل، أم كان على خطأ؟ ربما لو فكر الأحرار في المستقبل بعناية وعقلانية ووضعوا تصورهم العملي للدولة التي يحلمون بها، والوسائل والأدوات التي تحققها، لما كان حالنا كما هو عليه الآن.. ولو فكر الحزب الاشتراكي بعقلانية وتصور واضح للنتائج قبل الدخول في الوحدة الاندماجية لما كان الحال كما هو اليوم.

أما آن لنا أن نتعلم من أخطائنا بعد كل هذه التجارب؟!.