الماء الآسن لا يشربه الناس.. هذا قول له وجاهته في الواقع ، لان الركود يورث الموت البطيء.. والحياة نفسها لا تقبل الجمود فديمومتها الدائمة تلفظ الكسالى و الخاملين ،وتلك سنة الوجود.. ولاشك أن الحركة الإسلامية بأمس الحاجة إلى التجديد والتجدد باستمرار حتى لا تصادم سنن الله في الكون.. ومن اجل ذلك لا ينبغي للقيادات التاريخية الاستمرار في إدارة دفة الحركة من المهد إلى اللحد.. ولكن لابد من التغيير الإيجابي وإدخال دماء جديدة إلى صدارة الحركة حتى تكون لها الديمومة والديناميكية المستمرة لتواكب تطورات الحياة ومستجدات العصر.. فبقاء القيادات التاريخية أكثر من اللازم يعيق تطور العمل لأنها تحاكي عصرها كونها غير قابلة للتجديد.
ومع أن القيادات التاريخية قد تكون على مستوى جيد من الفهم العام لكنها لا تستطيع تجاوز مفاهيم عصرها وتظل تدور في البوتقة التي اعتادت عليها وليس لديها القابلية لمواكبة التجدد الدائم بحكم السن الذي له أحكامه.
ولاشك أن تلقيح قيادة العمل الإسلامي بعقول شابة ذات معارف وأفكار تتناسب وواقع الحال هي الكفيلة بإخراج الحركة من دائرة التدوير الوظيفي المضر بها، الذي وقعت فيه الحركة الإسلامية في اليمن.. ولو أنها قبلت بالتغيير الإيجابي ولم تستمر في محاكاة الأنظمة الشمولية -التي تربت على التغيير الشكلي- لكانت قد وصلت مبكرا إلى أهدافها الكبرى.
إن فاعلية التغيير الإيجابي المنتج هو من قاد الحركة الإسلامية في تركيا إلى الصدارة حين أفسحت قياداتها التاريخية المجال أمام الشباب الواعد ليلعب دوره الإيجابي في النهوض بالعمل ومجارات تطورات الواقع ..ولم يتشبث البروفسور في علوم الذرة (نجم الدين اربكان) بقيادة الحركة بل تنحى عن القيادة لصالح الشاب رجب طيب اردوغان الذي وصل بهم إلى رأس هرم السلطة ونقل تركيا من دولة مدينة تتسول البنك الدولي إلى دولة دائنة للبنك الدولي ورفعها إلى مصاف الدول الكبرى ، بل ويتفاخر بان دخل الفرد التركي في عهده أصبح أعلى دخل في الشرق الأوسط رغم عدم وجود ثروات نفطية كبيرة في تركيا كما هو حال دول الخليج .
لقد كان الكهول مترددين حيال ثورات الر بيع العربي التي نجحت بدماء شبابية واعدة جسورة, لكن القيادات التاريخية أخذت الراية من الشباب وعادت بهذا المنجز الشبابي الرائع إلى مربع الفكر القديم في التعاطي مع الواقع الجديد مما أضفى على وميض الثورة شيء من الخفوت وكأن الثورة قد انحرفت عن مسارها أو أنها أضحت نصف ثورة.. وخير دليل على ذلك بقاء شباب الثورة المختطفين في المعتقلات حتى الآن.. والمؤلم أن ثمار الثورة بدأ يجنها من لا يستحقها مثل: صعود بعض الوزراء الفاشلين ادرياً وقيادياً وان كانوا يمتلكون بعض الصفات الأخلاقية (كما يقال) وعلى رأسهم وزير التربية والتعليم (الأشول)الفاشل إلى درجة (الغباء) الإداري وكأنهم يطبقون قول الرئيس السابق: إن الإصلاحيين لا خبرة لهم بالسياسة والإدارة ولكنهم بارعون فقط في منابر المساجد ، ولا أبلغ من ذلك إلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري : ( انك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة).
صحيح أن القيادات التاريخية كان لها الفضل – بعد الله تعالى- في بقاء واستمرارية الحركة أبان الظروف الصعبة التي مرت بها الحركة وأبقتها أسيرة السراديب ، إلا أنها لم تتقدم بخطوات إيجابية نحو التغيير النوعي داخل الحركة لأنها أصلا لا تملك الإمكان الإرادي الذي تواكب به كل جديد.. فقد تجاوزها الزمن وحري بها أن لا تكابر برصيدها في صفقة غير مضمونة العواقب!!
- إن سلامة القلب ، ونظافة اليد ، وصحة العقيدة ، واستقامة الأخلاق ، لا تكفي وحدها للنجاح في معترك السياسة ما لم يضف إليها : ألمعية الذهن ، ومرونة العمل ، وحرارة الروح ، وتفهم مشكلات المجتمع وطبائع الناس والكفاءة الإدارية -
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم بإلحاح: إلى متى ستستمر عملية تولية الضعفاء مناصب قيادية وهم غير قادرين على حمل الأمانة ؟!.
منصور بلعيدي
فاعلية التغيير الإيجابي المنشود!! 1358