هناك فرق
الأصل في العمل الخيري أن يستهدف في المقام الأول الفقراء والمحتاجين والمعوزين ليعينهم على ظروف الحياة وصعوبة العيش في ظل واقع مؤلم كل ما فيه يدفع إلى ارتفاع نسبة الفقر في المجتمعات وازدياد الأغنياء غناء والفقراء فقراً بمعادلة طردية معكوسة يكون الضحية فيها دائما المواطن الغلبان.
ومعروف سلفا ان الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية في ذات المجال أنشئت على أساس تقديم المعونات بمختلف أصنافها إلى منهم بأمس الحاجة لها.. أو على الأقل هذا ما هو موجود في نظمها الأساسية التي على ضوئها أسست هذه المنظمات والجمعيات.
لنقف قليلاً مع نشاط هذه الجمعيات والمنظمات الدولية لنعمل مقارنة بسيطة يسمح بها الحيز هنا حتى نرى كيف تتصرف هذه الجهات في الواقع لنحكم على خيريتها من عدمها وتطبيقها لنظمها الداخلية من مجافاتها واقعاً.. ولنأخذ محافظة أبين أنموذجاً.
باعتبار أبين تضررت كثيراً من الحرب في سنة 2011م فقد تسابقت إليها المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية على السواء لتقديم لها المعونات العينية والمالية في كل مجال.. لكن في الواقع فالتطبيق الفعلي لدور هذه الجهات كان مختلفاً جداً لكل منهما.. لنأخذ أولاً المنظمات الدولية: ومنها: منظمة دنمركية (drc)ومنظمة نرويجية (nrc) هاتان المنظمتان كان أدائهما في الواقع يمثل احتراماً لذاتهما قبل أي شيء آخر.. عمل إحصائي منظم زائد تقسيم المدن إلى مربعات ولكل مربع فريق خاص، وتسليم عقود إلى المواطنين بعد توقيع المواطن على الاحتياجات التي يريد تنفيذها في منزله ثم تثمين تلك الاحتياجات وصرف 50% من قيمتها مباشرة إلى المواطن وإعطائه مهلة لا تتجاوز أسبوعين في شراء ما تم الاتفاق عليه وتركيبه(أبواب ونوافذ وتوانك ماء شرب) والمواطن الذي ينفذ ما اتفق معه عليه تدفع له النسبة المتبقية وخلال أسبوعين يتم الفحص على التنفيذ ومن نفذ بدقة أعطوا له حافز نقدي(200دولار) وبهكذا عمل منظم كسبوا ثقة المواطن واحترامه رغم ان المبالغ التي يدفعونها لكل مواطن لا تتجاوز مائتي ألف ريال يمني فقط.
أما الطرف المقابل (الجمعيات الخيرية) فقد كان عملهم يسير باجتهادات شخصية ووعود كاذبة وتجاوز فاضح للأهداف التي أنشئت من اجلها هذه الجمعيات ولنأخذ جمعية الإصلاح الخيرية (نموذجاً) فقد قامت بإنزال فريق هندسي لمسح المنازل المتضررة لإعادة بنائها كما زعموا ولكن شابه الكثير من الأخطاء (إذا احترمناهم) فقد تم مسح في كل حارة مجموعة من المنازل تركزت على منازل التجار ومحلاتهم التجارية وكبار المزارعين والقيادات السياسية وما في حكمها.. وتم البناء لهم فعليا رغم أنف الفقراء والمحتاجين الذين لا ظهر لهم.. واستغرب الناس هذا التصرف وجاءت سيل من الانتقادات المريرة لهذا التصرف الغريب.. ومن مصائب الإصلاح (الحزب) إن المواطن المسكين الذي لا يعرف بواطن الأمور صب جام غضبه عليه باعتبار ان الجمعية تتبعه فنالت تلك الأخطاء من سمعته وساءت علاقة المواطن به إلى حد كبير في أبين.
وحين تساءل المواطنون عن السبب قالوا: إن المرحلة الأولى لم يرافق الفريق الهندسي (معرف) كونهم نزلوا من صنعاء لا يعرفون المنطقة وفي المرحلة الثانية ستصحح هذه الأخطاء.. ولكن وبعد كل هذه التصرفات المسيئة إلى العمل الخيري ومن يشرفون عليه.. جاءت المرحلة الثانية من عمل الجمعية على نفس المنوال أما عشوائية العمل واختلاف التنفيذ لقسم بسيط من الفقراء المستهدفين بالصدفة فحدث ولا حرج ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إن بنوا لبعض الفقراء (كما في حارة المحل) نصف مبنى وبصورة عشوائية قروية (غرفتين بلا طلاء ولا بلاط أو حتى مرمر) أما منازل التجار والمحلات التجارية وأخواتها فكان البناء على أفضل طراز!!
تصوروا هذا هو حال الجمعيات التي تدعي الخيرية.. وبالمقابل ذاك هو عمل المنظمات الدولية فأي انحطاط قيمي نحن فيه إذا سقط في الحضيض حتى عمل الجمعيات التي يفترض فيها أنها خيرية.. يا لطيف.
منصور بلعيدي
بين الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية 1426