ربما أصبحت مشاهد اللعبة السياسية والتي كانت بالأمس القريب ذات عتمة تعتريها ضبابية التوجهات الرسمية لاسيما عندما كانت القيادة والحكومة تتحفظ وتتهرب على عدم تحمل مسؤولياتها أمام تلك الخروقات وأمام تلك الحيل والمناورات والمخططات التي تهدف إلى تعطيل المسار وإعاقة عجلة المشروع اليمني العام..
فاليوم لاشك أن مثل تلك المتغيرات وتلك المناورات والتحديات باتت أكثر وضوحاً وخصوصاً عندما كشفت نوايا وخفايا وتناقضات تلك المبرهنات ونتائج تلك المتراجحات ومقاصد تلك التحذيرات التي قوبلت بالإعراض وبالتخاذل من قبل الجهات الرسمية والمعنية في قيادة الدولة وعدم التجاوب والتفاعل والتعاون والمشاركة الفاعلة وتحمل المسؤولية من قبل بعض القوى السياسية التي تتمثل بالأغلبية في مختلف القطاعات والوزارات والمؤسسات والإدارات في شتى مناحي ومراكز سلطات القرار في الدولة التوافقية المركزية..
وربما هذا ما جعل من قيادة الدولة ورئاسة الحكومة أن تعول وتراهن على مواقف الدول الراعية والإقليمية والدولية على عدم التخلي عن متطلبات الأوضاع الراهنة التي تمر بها وتحتاجها منظومة الدولة خلال الفترة الانتقالية وخاصة الراهنة والحالية, لاسيما واليمن تخوض معركتها الفاصلة والحاسمة لمجابهة الإرهاب والتصحيح المحوري والتحضير لتدشين منظومة اليمن الجديد..
فاليوم وعلى هامش تلك المتغيرات وتلك التحديات والصعوبات التي تمر بها مؤسسات الدولة بشكل عام ومتطلبات الشارع اليمني وخصوصاً فيما يتعلق بالمواد الرئيسية والأساسية لمقومات الحياة مثل انعدام المشتقات النفطية والكهرباء وغيرها من الضروريات التي تضمن استكمال الخطوات المرسومة والمنظورة للخروج باليمن إلى بر الأمان.. لكن ما يلاحظ وما يعاني منه الشعب اليوم من ابتزازات ومن انتهاكات لمعاني ومقاصد الإنسانية والحياه والاستقرار العام؛ ربما يتناقض مع تلك التوجهات ويخالف تلك الوعود والقرارات الرئاسية التي أصبحت تقابل بالتوجهات وبالانحدار صوب ما كنا نخاف منه بالأمس وباتجاه ما كنا نحذر ونحاذر منه بالبارحة وخاصة عندما تقوم بعض القوى السياسية المحسوبة على الحكومة ومسؤولة في المقام الأول على صناعة وإدارة القرار أن تتنصل عن المسؤولية وتقوم بالترويج والتحريض على الأزمات والتشجيع على الفوضى والتمردات, وكل ذلك بعلم ودراية الجهات المعنية ومن تحالف معهم من قبل أولئك التجار والمتنفذين وأولئك المناهضين والمعرقلين الذين أصبحوا اليوم هم الوكلاء وهم الأوصياء محاولة منهم لاستباق الأحداث وإقدامهم على تسويق وشرعنة واصطناع الأزمات وتوطيد وتثبيت العراقيل على أرض الواقع لتبرير ودعم موقف القيادة على أن يتم رفع الدعم عن المشتقات النفطية..
وهذا ما هو مأمول ومنظور وطموحات تلك القوى التي تسعى جاهدة إلى أن تجعل من الحكومة أن تصنع مشنقتها بنفسها وأن تجعل من القيادة أن تغتال تضحياتها وجهودها بسلاحها. ومع ذلك لا تزال الفرصة سانحة أمام الجهات المعنية أن تبحث عن بدائل وعن حلول وعن مخارج بديله تقيها ذل الموقف وتقيها ذل السؤال.. وبما أن ركون القيادة والحكومة والجهات المعنية إلى وقوف ومساندة القوى السياسية وخصوصاً تلك التي أصبحت رهينة الوثائق والمبادرات, لا شك أن هذه القوى السياسية التي تسوق وتؤيد وأبدت استعدادها سراً وحريصة على توجيه غالبية أعضاء مجلس النواب للتصويت لها جهراً, هي من ستنقلب وهي من ستحرض الشارع وهي من سوف تتباكى على الوضع المزدرى الذي لاشك أنه من صنع يدها؛ فمثل هذه المفارقات وهذه المتغيرات ربما تكون انقلاباً على المشروع اليمني العام وربما تكون مخططاً لها ومنظورة لإسقاط القيادة والحكومة سياسياً من خلال الشارع السياسي وربما تكون واقعية على هامش الواقع المخطط له للنيل من السيادة الوطنية ومحاولة خلط الأوراق من قبل أولئك الأصدقاء الداعمين وأولئك الأشقاء الناقمين..
فالحلول والمخارج يا قيادة و يا حكومة و يا شعب و يا جهات معنية؛ تكمن في وضع الاستراتيجيات والمخططات وإيجاد الحلول البديلة ومحاربة الفساد, فالمشكلة تكمن في الإدارة وفي التهرب عن تحمل المسؤولية وفي التخاذل والتقاعس والتهاون في مضمون المهنية الوطنية والسياسية وليس برفع الدعم واللهث وراء الشوارد والموارد الوهمية التي تعالج الأعراض ولا تعالج السبب.. فإذا كان ولا بد؛ كان بإمكان الجهات المعنية أن تقيل الحكومة وتكلف حكومة كفاءات ذات استقلالية وتزيح تلك الوجوه" الكاهلة" والأحزاب المغايرة, بدلاً من تحميل الشعب المسؤولية..
وفي الأخير ومن المؤكد إذا تم إقرار رفع الدَّعم؛ سوف تقوم بعض الأحزاب المشاركة بسحب وزرائها من الحكومة لعلها تثبت براءاتها من تلك التوجهات ومن تلك التصرفات. وهذا ومما لا شك فيه أن الحكومة سيتم تغييرها وتكليف بديل منها وعلى ذمة وعلى حساب" الكلاع" السياسي في إقرار الجرعة الفاشلة.. والله المستعان..
د.فيصل الإدريسي
الكلاع السياسي والجرعة الفاشلة!! 1181