يبدو أن الشارع اليمني اليوم أصبح حائراً من خلال ما يسمع تصريحات القادة والمسؤولين ويشاهد وسائل إعلام المتفائلين والمحبطين ويتابع مواقع المحللين والمفسبكين وينظر إلى تصرفات الأحزاب والجماعات والمعرقلين.. يلاحظ من ذلك أن الجميع متخبطون ومتقاعسون ومتناقضون مع أنفسهم أولاً ومع دورهم وواقعهم ووطنهم ثانياً.. يتفاءل الشعب عندما يسمع تصريحات وتوجيهات القيادة ببسط نفوذ الدولة والضرب بيد من حديد لكل من يسعى إلى إقلاق السكينة العامة وعرقلة خطوات المرحلة المقبلة.. ويطمئن الشعب عندما يسمع توجهات الدولة بنزع السلاح عن الجماعات والقبائل المسلحة وردع كل من يقف أمام مشروع اليمن الجديد.. سرعان ما يسمع أن الدولة تبعث بلجنة وساطات تقوم بالمساومات والتهدئة بين المعتدي والمعتدى عليه.. وتقوم بخلق مبررات وأعذار تساوي فيه الجلاد مع الضحية.. وهي تعرف ويعرف الجميع السبب والهدف والمضمون, لكن الذي يثير الاستغراب والدهشة عندما تتحفظ الدولة عن المعتدين وعن المخربين وعن المعرقلين وعن المتنفذين وخصوصاً بعد ما أصبحت أفعالهم وأعمالهم ومخططاتهم مفضوحة ومكشوفة أمام الشارع اليمني وواضحة ومعلومة أمام المجتمع الإقليمي والدولي..
من هذا المنطلق ربما تترجم تلك المشاهد وتلك الروايات أن صمت الدولة في هذه المرحلة ربما يشير إلى وجود ضغوطات إقليمية ودولية من ما يجعلها تتحفظ و"تتعامس" وخاصة عندما تعلم وتدرك أن تلك الاعتداءات التي تطال المناطق وحقوق المواطنين وتنسف دور العبادة والمدارس والمزارع والمسافرين و حتى وصل الأمر إلى محاولة إسقاط المعسكرات والمحافظين وهذه أكبر المؤشرات التي تجعل من الشارع اليمني أن يحتار ويتحفظ ويمسك على أعصابه وخاصة عندما تسمع الدولة عن كل هذه الاعتداءات ولا تتكلم, وتشاهد كل هذه التحديات والخروقات ولا تتحركو وتهان وتطعن من خلفها.. ومع هذا تلزم الصمت وتتبسم.. ألم تصرح يا سيادة الرئيس أن المؤسسة العسكرية والأمنية هي صمام الأمان وهي الدرع الواقي وهي من سوف يتحطم على يديها كل من يسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار والتخريب والاعتداء وعرقلة وتعطيل المصلحة العامة؟.. ربما الوقائع والمشاهد والقرارات والملفات يا سيادة الرئيس تشابهة علينا.. ربما سمعنا عن شكلها.. لكن لم نتفق على لونها.. اتفقنا على حجمها.. لكن لم نتفق على مضمونها.. كنا بالأمس القريب نتهم القبائل على أنها من ستقف أمام الدولة المدنية وأن القبائل هي من ستعيق تنفيذ قرارات الدولة.. فعندما غابت الدولة أجبرت القبائل أن تدافع على أرضها وعرضها وناسها وممتلكاتها, فخاضت الحرب بالوكالة عن الدولة وعن مدنية واتحادية الدولة, لكن ربما ما يتم مشاهدته اليوم وعلى أرض الواقع أن الدولة وقرارات الدولة وهيبة الدولة تتحدث من وراء حجاب وعلى استحياء بالرغم من قدرتها السريعة على حسم الموقف .. وكأن هناك من يسيرها ويوجهها ويمارس الضغوط عليها.. ربما يدرك ويثق الكثيرون من أبناء الشعب بوعود ومواعيد القيادة والحكومة التي وعدت والتزمت بها.. إذاً فمتى سنرى الدولة التي ننشدها وننتظرها ؟و وإلى متى سنظل نتحجج بالأحداث والأوضاع الراهنة؟.
ها هم اليوم الحوثيون وبكل بساطة يتنكرون ولا يعترفون بالدولة المدنية ولا بالدولة الاتحادية.. والحراك الانفصالي وبكل سلاسة يصر ويعلن أن الكفاح المسلح هو الحل الوحيد الذي سيطرد المحتلين اليمنيين من أرض الجنوب.. والمعرقلون والمتنفذون يعطلون ويساومون ويفرخون ويصرون على تنفيذ مطالبهم الابتزازية وليست الحقيقية على حساب الشعب وعلى حساب سيادة الوطن..
إذاً ما ذا تبقى للجهات المعنية من أعذار حتى يحين الوقت المناسب الذي سيتم فيه التوصل إلى معرفة لون وحقيقة تلك الدولة التي نبحث عنها ونشتاق لرؤيتها.. أفيدونا يا قادة و يا مسؤولين.. والله المستعان.
د.فيصل الإدريسي
إن البقر تشابه علينا 1231