عندما نلج إلى عالم الرحمة الزاخر بالحب والدفء ومشاعر وأحاسيس الإحسان نرى العجب العجاب في المتباينات والمتناقضات من حولنا ونحن نشرعن لحياة جديدة خالية من عناصر القهر والاستلاب.. بقهر الإنسان لأخيه الإنسان واستلابه حاضره ومستقبله في عهد جديد من التحول السياسي والديمقراطي في ظل الدولة المدنية الاتحادية الحديثة، حيث لا نستغرب من الذين رفعوا شعار يمن جديد ومستقبل أفضل أثناء حكمهم إن داهموا الشباب الأبرياء العزل والبعيدين على التسيس والحزبية وما خرجوا إلى أكناف الميادين والساحات إلا من تضررهم من الحال المتعفن الذي وصلوا إليه في ظل النظام السياسي السابق صاحب الشعارات البراقة الجوفاء والفخفخة الإعلامية.. أريد أن أقول لا نستغرب منهم مداهمتهم للشباب في جمعة الكرامة عقب صلاة الجمعة وحصد الأرواح والأنفس الكثيرة وهم يرفعون شعار يمن جديد ومسقبل أفضل وهم متشبثون بالكرسي، فإذا كان كرسي الحكم هو كرسي من نار فلماذا لا نتنازل عن الحكم حتى وإن خرج ثمانية أفراد فقط هذا إذا علمنا أن تعدادهم فاق الملايين في جميع الميادين والساحات فلماذا كل ذاك التمادي والاستئثار بالسلطة؟ ولماذا تلك الغواية وتجهيل أبناء الشعب وتحريك الأحقاد والثارات ليبقى المجتمع مجتمعاً منقسماً على نفسه؟ إذ أجزم أن وراء الانقسام في الصف الشعبي والجماهيري والذي مازال معمقاً إلى الآن هو سياسة علي عبد الله صالح (الرئيس السابق) الذي عكف على بلورة مشروع هدام للمعارضة بينما حزبه يشارك بنصف الحقب الوزارية علاوة على منصب رئيس الجمهورية ذي الانتماء المؤتمري.
لقد أثبت الرئيس السابق/ علي عبد الله صالح أنه ـ وخلال ثلاثة وثلاثين عاماً من عمر سلطته ـ أنه كان ناجحاً في التفريق بين أبناء الوطن الواحد علاوة على افتعال الأزمات وكان يهرب من المساءلة السياسية إلى خلف عدو وهمي للوطن، يجب مواجهته كالحروب الستة مع الحوثي لذلك الغرض ولتصفية قيادات وكوادر الفرقة الأولى مدرع بقيادة اللواء/ علي محسن، الذي لم يأل جهداً في دك معاقل وأوكار الحوثي على أن الفرقة الأولى مدرع قدمت أنبل أبنائها وأشجعهم على الإطلاق ومن خيرة قياداتها العسكرية.
وقد كان الرئيس السابق ميال إلى توريث الحكم ما خلف سخطاً جماهيرياً واسعاً وكانت الهبة الشعبية لأحزاب اللقاء المشترك المناوئة لقضية التوريث وبعدها جاءت ثورة الشباب الشعبية السلمية الناجحة والتي تقف الدولة العميقة اليوم حائلاً وسداً منيعاً أمام وصول خيرها وثمارها الناضجة فقد صمت الشعب اليمني العظيم من منزلق التوريث حفاظاً على نظامنا الجمهوري الأشم، فالعيب ليس في الثورة إنما العيب فينا نحن الشعب الذي سمحنا لأزلام النظام السابق أن يتطاولوا على ثورة الشباب إذ يستدعي ذلك تنظيم حملة واسعة تشارك فيها جميع قوى الثورة على شاشات التلفزة وفي الإذاعات والصحف المختلفة تتولى غرس القيم الثورية لدى الناشئة والشباب ومختلف الفئات العمرية، وتنافح عن الثورة من خلال الثقافة الثورية الحديثة والفكر الثوري المعاصر ذلكم أن شذاذ الآفاق ما إن تحل مصيبة أو أزمة (وهم أصحاب اليد الطولي فيها) إلا وأرجعوا سببها إلى الثورة والثورة بريئة كل البراءة.
المهم أن الأمة اليمنية الواعدة بالخير قدمت أنهاراً من الدماء الطاهرة الزكية وتمادي رأس النظام آنذاك بافتراس أبنائه من خلال المجازر في جميع محافظات الجمهورية كجمعة الكرامة ومجزرة كنتاكي ومحرقة ساحة مدينة تعز فهو والله القط الذي افترس أبناءه ومازال يفترس عن طريق عدة طرق وأساليب، فرأس النظام السابق ومعاونوه وأنصاره وأزلامه وبلطجته هم من وراء إعاقة مسيرة الثورة ووضع الكوابح والعوائق أمام طريقها، والوقوف سداً منيعاً للحيلولة دون وصول ثمارها الناضجة لجماهير شعبنا.. المهم أن شعبنا قد تحرر من العبودية والكهنوت والاستبداد السياسي والأحادية السياسية والشمولية إلى رحاب عهد جديد من الحرية والشراكة المسؤولة بالسلطة وثرواتها وإلى نظام التنوع والتعدد السياسي حقيقة لا مجازاً وحلحلة كافة قضايا الدولة والمجتمع كقضية الوحدة اليمنية التي توافق عليها الجميع بأن تكون فدرالية بستة أقاليم وهذا ضمان للوحدة الوطنية وتجسيد فعلي لمعانيها ومعطياتها وحقائقها بعيداً عن الزيف والدجل ووحدة الصورة والديكور فنحن أمة لا نقبل الضيم والحيف والجور والظلم الذي تكرسه الدولة العميقة وتحاول أن تسيء به للثورة وتشوه مسارها الأعظم وإلى لقاء يتجدد والله المستعان على ما يصفون.
عصام المطري
والقط يفترس أبنائه!! 1125