إن رمضان أشرف الشهور، وأيامه أحلى الأيام فيأتي بعد شوق، ويَفِد بعد فراق، وإن هذا الضيف يُصلح الله بمَقدِمه القلوب، ويغفر بزيارته الذنوب ويستر بوصوله العيوب....
إن الزائر الكريم جاء ليضعف الشهوة وخطرات السوء وواردات المعصية فتشرق الروح، وجاء يذكّر الصائم بإخوانه الصائمين من الجائعين المحتاجين والفقراء والمساكين، فيرحمهم ويعطف عليهم ويمد يده بالعون إليهم. إن رمضان يمثِّل مدرسةً لتربية النفس وتزكية القلب، وغض البصر، وحِفظ الجوارح، فالزائر يمثل السر بين العبد وبين المعبود سبحانه، ففي الصحيح( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )،لأن الصوم لا يطّلع عليه إلا الله تعالى بخلاف الصلاة والزكاة والحج... وغيرها, إن صوم رمضان قُربة لله عز وجل، ومضمار للسباق , وموسمٌ للخيرات. فلنكثر من الأعمال الصالحة في رمضان ولنجتهد في رمضان , ونضع برامج نافعة في رمضان, ولنجعل من لياليه قياماً أو ركوعاً وسجوداً ودموعاً وخشوعاً, ولنجعل من نهاره ذكراً أو تلاوةً وتعليماً ودعوة ونصحاً. إن رمضان قُرة عينٍ وراحة نفس, فلنربِّ أرواحنا بمقاصده , ونزكي قلوبنا بتعاليمه, ونهذب نفوسنا بِحِكَمه. إن الصيام كفارة للخطايا ومُذهب للسيئات, فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام إنه قال: (الجمعة إلى الجمعة , والعمرة إلى العمرة, ورمضان إلى رمضان, كفارات لما بينها مالم تؤتَ كبيرة). والصيام صحة للجسم؛ لأنه سيفرغ المواد الفاسدة, ويريح المعدة ويصفي الدم ويطلق عمل القلب, فتشرق به لروح, وتصفوا به النفس, وتهذب به الأخلاق, فمن صام ذلّت نفسه, وأنكسر قلبه وخفت مطامعه, وذهبت شهوته, ولذلك تكون دعوته مستجابة لقربه من الله عزو جل؛ لأن الصيام سر عظيم، وهو امتثال عبودية الله عز وجل، والإذعان لأمرٍ هو التسليم لشرعه، وترك شهوة الطعام والشراب والجماع لمرضاته.
والصيام انتصار للمسلم على هواه، وتفوُّق للمؤمن على نفسه، فهو نصف الصبر، ومن لم يستطع الصيام بلا عذر؛ فلن يقهر نفسه ولن يغلب هواه. اللهم تقبل منّا الصيام.
محمد سيف عبدالله
الصيام دورة لتحقيق تقوى الفرد والمجتمع 1104