ربما تفهم الكثيرون من الهدف الرئيسي لرفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن, خصوصاً بعد أن تفاقمت الأوضاع وأختل التوازن وفقدت السيطرة وتصدر الفساد وطغى التهريب والتخزين وتوسعت رقعة السوق السوداء في داخل الوطن وعلى مستوى الخارج على حساب مضمون تلك الملفات المثقلة والمليئة بالمفارقات والتناقضات والمؤامرات المحلية والخارجية لمحاولة إرباك المشهد وخلط الأوراق وتأزيم الوضع على غرار محاولة التشكيك و إفشال منظومة اليمن الاتحادي الجديد.
فعلى هامش تلك التوجهات والخوض في إصلاحات المعترك الاقتصادي والسياسي الاضطراري المحظور والمأمول, نظراً لأهمية الوضع ومتطلبات المرحلة التي ترتبط بشكل مباشر بمتطلبات الحياه الإنسانية والأمنية والمعيشية والاستثمارية والتنموية في الأوطان.. لاسيما المشتقات النفطية ولذلك كان بإمكان الجهات المعنية أن تضرب حساب مثل هذه التوجهات العكسية من وقت سابق وخصوصاً بعد أن تم رفع الدعم عن المشتقات النفطية في مطلع عام 2011 وتكفلت حكومة الوفاق عند توليها أن عملت على إعادة الدعم للمشتقات النفطية حتى هذا التوقيت خصوصاً بعد أن توالت وتعاقبت توجهات المانحين وصندوق النقد الدولي بالضغط على الحكومة اليمنية وعلى القيادة على رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن خصوصاً وفي البلدان التي يتم تهريب المشتقات النفطية وبيعه في السوق السوداء بطريقة غير مشروعة..
وهذا ما جعل من تحذيرات مجلس الأمن الدولي الأخيرة للمتلاعبين والمهربين والمخالفين في اليمن ومصر وليبيا والعراق بتحمل مسؤولياتهم وإلزام الدول المعنية بضبط ومكافحة التهريب والفساد وذلك من خلال رفع الدعم لفتره محدده حتى يتم استعادة السيطرة واستتاب الأمن والاستقرار.
ولهذا كانت مثل هذه التوجهات في نظر الجهات المعنية خطوة إيجابية ونقطة تحول في محاربة الفساد والتهريب والذي كان يذهب اكثر من نصف المشتقات في اليمن إلى نافذين وتجار ومسؤولين لا تعنيهم مصلحة المواطن لا من قريب ولا من بعيد.. وهذا ما جعل من توجهات الدولة في نظر المراقبين الاقتصادين" أن تفسد مرةً واحدة برفع الدعم خير لها من أن تفسد مرتين", عندما تدعم المشتقات من أجل المواطن ثم تسلمها منح للفاسدين من التجار والمتنفذين.. فمن هذا المنطلق تبدو أن مطالب الشارع اليمني وظروف ومتطلبات الوضع الراهن لا تتحمل اكثر مما هو حاصل اليوم على كاهل الشعب الصابر والمغلوب على أمره من خلال مضاعفة الآلام والأوجاع المتعاقبة, فكانت مثل هذه التوجهات للجهات المعنية في نظر الشارع معيبة ونقطةً سوداء في جبين القيادة والحكومة والدول الراعية والمشرفة والمانحة والمعرقلين والقوى السياسية والجماعات التي أرهقت منظومة الدولة بتصرفاتها ووقوفها أمام التغيير المنشود وأمام عجلة اليمن الجديد..
وعلى هذا المنوال يبدو أن الجرعة المستحدثة في هذا التوقيت بالذات, ربما كانت إيجابية وسلبية معاً؛ إيجابية لرفد ميزانية الدولة للإيفاء بالتزاماتها وإثبات حسن النوايا لدى الجهات المانحة أن تفي بما وعدت به لدعم اليمن خلال انعقاد مؤتمر المانحين وأصدقاء اليمن خلال الأيام القليلة القادمة.. ولهذا كانت مثل تلك المناورات وتلك المغامرات والتوجهات إيجابية بشريطة أن تكون هناك خطط واستراتيجيات تهدف إلى إيجاد الحلول العاجلة والسريعة للوقاية وللعلاج وللتنمية وتحسين المعيشة لمنتسبين القطاع العام والخاص والمختلط, حتى يتسنى للجميع أن يفي بالتزاماته ويتحمل مسؤولياته, نظراً لما فيه خدمة للمصلحة العامة..
فهل يا ترى ستعي القوى السياسية المغايرة والمتحفظة التي تحاول أن توظف مثل هذه التوجهات والقرارات الاضطرارية الهامة؟, وهل ستدرك القيادة مشاريع بعض القوى السياسية الانتقامية على غرار توظيف مثل تلك التوجهات والإصلاحات لمضاعفة آلام الشعب والتحريض على الفوضى وتهميش الوطن وإعاقة وتعطيل مشروع اليمن؟.. والله المستعان..
د.فيصل الإدريسي
الكلاع السياسي والجرعة الفاشلة2 1003