تتلخص التجربة المعروفة في سلق الضفدع بأنه في حال وضعت الضفدع لغرض سلقه في الماء الساخن فوراً فإنه سوف يقفز بينما لو وضعته في إناء فيه ماء بارد فإنه لن يقفز وتبدأ عندها بتسخين الماء بهدوء تدريجي إلى أن تسلقه , هذه الخلاصة والفكرة يتّبعها العدو الصهيوني في الكثير من سياساته وخاصة الاستخبارية الأمنية في عمليات صيد المتعاونين بعدم صدمه فوراً بالتعاون وبطلبات كبيرة... على أي حال الموضوع هنا أن الكيان الصهيوني معروف عنه أنه كيان فيه شعب للجيش وليس جيشاً للشعب وشعب للأمن أيضاً وأولى أولوياته الأمن ,وفي سياساته المتدرجة في العلاقة مع المحيط العربي الذي لم يكن أصلاً يعترف به اتبع التدريج مع الأنظمة, أولاً بالتغلغل التدريجي بعلاقات واتفاقيات غير مباشرة ثم لقاءات لتحديد الخطوط الخضراء والحمراء وهكذا كانت استجابة ضفدع النظام العربي حتى تحوَّل الكيان من عدو إلى كيان غير مقبول, إلى جار, واليوم إلى حليف في الكثير من ملفات المنطقة , طبعاً ينسحب هذا على ضفادع السلطات الأخرى الأمنية والاستخبارية والتي وصلت إلى الشراكة والتعاون وإلى السلطات الأخرى حتى العسكرية منها ومن ثم وصل اليوم إلى سلق ضفدع السلطة الرابعة في محاور اختراق مخجلة وحقيرة بكل معنى الخيانة والانحطاط الديني والوطني والخُلقي الإنساني , غير أن الواقع اليوم في فلسطيننا وخاصةً بل تحديداً في غزة أن التكوين البشري العقائدي من ناحية والنفسي الحر الإنساني جعل العملية تفشل تماماً , وسنأتي على ذلك, لكن أن نرى اليوم الشارع العربي الذي كانت فيه آمال في مرحلة الثورات المصنفة ربيعاً عربياً والاحتجاجات التي كانت تسري كالعواصف بتسونامياتها في كل الأصقاع قد وقع في الإناء الذي يُسلَق فيه الضفدع, تلك هي المسالة فلم نجد هذا الشارع الداعي للحرية والكرامة والعيش الإنساني والحقوق الإنسانية يتأثر ولا حتى بكل تلك المشاهد للحرائق والإبادة وجثث الأجنة والأطفال وأوصال النساء في سابقة إعلامية تاريخية تحصل لأول مرة بهذا الوضوح على الشاشات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام حتى صار التمعُّن في الصورة التي كان يتم تعتيمها أو الاعتذار منها ــ صار طبيعياً وبإمعان , كل هذه الوحشية في القتل والإبادة وتلاحُق المجازر التي تحرك حتى الحجر يقابله صمت القبور شعبياً في بعض البلدان ناهيك عن الأنظمة التي حكمنا أنها قد سُلقت فهذا مثير ومُحبِط في حركتها السابقة ودعواها إلى التحرر والكرامة ولم يتحرك عندها الحس الإنساني الذي تحرك عنَّا هناك في أميركا اللاتينية التي تبعد آلاف الكيلومترات وفي شوارع باريس التي تحدّت منع التظاهر وفي أسكتلندا التي قاطَع الشعب فيها منتجات الصهاينة ومحلاتهم وأغلقت لإفلاسها والحديث يطول عن مساحات الأرض التي يسكنها بشر نفضوا أيديهم من غبار الهاينة الرماد من حرائقنا , بينما في الجوار يقف جندي في حدود أكبر دولة عربية يحمل المنظار ليشاهد الموت والدمار بالمقرِّب والعدسة المكبرة لابن وبنت وأب دمه الواحد ؟؟ كيف وصلت هذه الضفادع إلى درجة التحلُّل بعد عملية السلق تلك, والله إنها ظاهرة تحتاج إلى علوم لدراستها, ستتوقف آلة القتل والعدوان سيتوقف في نهاية الجولة ويجب أن تتوقف الشعوب أمام ذلك أما الأنظمة فلا أدلة أكبر من مرارة قول النتن ياهو عنها أنه سيفاجئنا بتحالفه معها وما قاله ناطق عصابات الإجرام الصهيونية على شاشة الجزيرة بأن كيان العدو بنى تحالفاً مع دولٍ في المنطقة ضد حماس ؟!! السؤال للشعوب اليوم: ماذا أنتِ فاعلة بحق إنسانيتك وكرامتك وحقك في العيش وقد كفر بك البعض المنهك من شعبنا وهو يستصرخكم ولم يجد إلا حراكات محدودة لعلها عضلات أو أعصاب الضفدع المسلوق ولو لا نستهين ببعضها مثل تلك التي خرج بها وقادها المنصف المرزوقي في تونس. هل تظنون أنكم في ربيع أو مررتم بربيع أم أن عواصف الخريف الاستبدادي قد عصفت بإنسانيتكم؟
لا يوجد شعب لا يحب الحرية ونحن اليوم وغداً وبعد غد نبقى نأمل في الشعوب خيراً لحريتها, وحريتها لا تقترن فقط بمحليتها وسخونة تصارعها في ساحاتها والتي وصلت إلى الاقتتال بل الحرية تبدأ بدمعة حزن تنزل حزناً على أبسط المبكيات وتنتهي بأن تعيش حراً أو تستشهد في جهادك لأجلها وتسقط كل الضفادع المسلوقة من إناء الصهيونية الأمريكية والغربية المجرمة,
هنا فقط لن تمسَّكم دعوات أهلنا في غزة وكل فلسطين بأن يا رب انتقم من الظالمين وقد قيل أكثر من ذلك.
كل الحركات معنية بهذا, فبعض الحركات التي تدعى الإسلامية كيف تقبل مثلاً بأن تستقبل طابا آلاف الصهاينة للاسترخاء من تصدي المقاومة الباسلة بينما تمنع استقبال الجرحى وإدخال المساعدات وتغلق بوابتها على دخان روائح الحرائق في غزة على أهلها هذا لشيوخ الملوك والأمراء وضباط الانقلابات المدعين حفظ سورٍ من القرآن ومثله لوجود السفير ومحطات استخبارات العدو فيها وعبثها ويزيد بفتح مطارات تعوض العدو عن خيبته بمطار بن غوريون وقد لاحقته قوة المؤمنين المقاومين؟؟ ... وللقوميين واليسار ألف سؤال وسؤال؟ فهل سنشهد فصلاً تحررياً حقاً من إناء السلق أم ستبرهن أنها سقطت بلا حركة في إناء سلق الضفدع؟ وهل سنشهد هبّات مليونية أو نصف أو ربع مليونية أو أقل ولا نرى ما رأيناه في بلد عربي بعد ربيعه يقف أقل من خمسين فرداً أمام مقر الأمم المتحدة؟ ..نعم! أقل من خمسين يناشدون بان كي صهيون الذي يدين أشلاء الأطفال ويثني على إنسانية وديمقراطية الصواريخ النازية الصهيونية !!.
ناصر أبو الهيجاء
سلق الضفدع..! 1376