كعادتهم- وكما وصفهم سبحانه وتعالى- لا ينفكون يحاولون التحايل والتجادل والتلاعب وخوض مفاوضات طويلة يحاولون أن لا يخرجوا منها بأي خسائر, فقد ذكرهم سبحانه وتعالى في سورة البقرة وقص علينا في كتابه العزيز كيف أنهم لم يتورعوا أن يحاولوا التماطل حتى مع الله سبحانه وتعالى.. وحين جاءهم الوصف لها بأنها صفراء فاقع لونها أيضا لم يأتمروا وحاولوا المطاولة فجاءهم الأمر بالوصف حازما (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون) محاولة للتخلص من الحق والواجب والأمر الرباني فجاءهم الرد وقد تذرعوا أنهم غير مهتدين ويسألونه الهدى "قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث" مذللة ولا تسقي و ثم لم يكثفوا وجاء الوصف لأنها سليمة حتى استسلموا أخيرا .

وفدنا المفاوض جاءهم بتركيبة موحدة مثالية قد تكون هي سابقة في تاريخ العمل الوطني الفلسطيني التحرري وشاملا والمطالب الفلسطينية ليست مبهمة ولا هي شيفرة تحتاج التفكيكي فبعد رفض الورقة المصرية من قبل المقاومة ويقينهم أن الرد حازم وبعد أن ساءت وجوههم في كل الميادين فالعسكرية أصيبوا بالوهن والضعف بل والرعب والزلزلة ولا داعي لسرد الارتباكات والهزيمة ويكفي أن تكون الخسائر والإرادة المنكسرة لأفراد العدو وقيادته وارتباكها وهزيمة الداخل الحاضن بينة على ذلك واستخباريا شهدوا بأنفسهم أنهم لم يصلوا إلى تحقيق أي هدف بفعل النقص في المعلومات الاستخبارية فالقيادة سالمة والحمد لله وكتائب المقاومين المجاهدين ثابتة ومنظمة ومتناسقة ومقدامة وخافية ومستعصية ولم يبق له بنك أهداف إلا الإجرام الذي شهدناه بالمجازر ظانا انه بذلك يفصل المقاومين عن حاضنتهم ويحقق ما يسميه سلق الضفدع إلا أنه لم يدرك ماهية وطبيعة الشعب الفلسطيني وزده إن كان عقائديا وهل أبناء المقاومة المجاهدين إلا من تلك الأسر التي استهدفها؟ أما إعلاميا فقد وصم العار إعلامه بين الكذب الذي بات لا يصدقه حتى أبناؤه وبين الدقة والمصداقية بل والقدرة الإعلامية النفسية المذهلة التي اتبعتها المقاومة بتصوير عملياتها وكيف شاهد العالم كله خذلان ومقتل جنوده قنصا وتسللا وعبوات وما خفي أعظم..

ثبت أن العدو الصهيوني لم يعد يفهمنا وثبت أننا نفهمه أكثر مما يفهم نفسه وهاهو اليوم يحاول سياسيا بالمراوغة السياسية بالتفاوض مستندا ومتأملا بـ:

 أولا: الدعم الذي يقدمه له الوسيط وهذا أمام تصميم الوفد ووحدته وثبات المقاومين خلف الوفد وثبات الإرادة الشعبية للمقاومة ولا ننسى أيضا ثبات الإرادة الوحدوية للوفد, حيث لم تنفع كل محاولات الدس بين المفاوضين والتي دخل بها حتى اطراف فلسطينية ناعقة لم يزدها نعيقها إلا خبالا.. كله فشل.

ثانيا: الدعم الإقليمي والدولي وخاصة الأمريكي والمراهنة على وصم المقاومة بالإرهاب ومحاولة التفلت من الحقوق بالذهاب إلى تحجيم المعركة على أنها معركة مع حماس وقد فعل كل شبكات الدعم الرسمية والإعلامي لأجل ذلك إلا أنها وبحنكة التنسيق بين فصائل المقاومة كافة وكتائبها وشعبها وقيادتها هذه المرة والأهم المعركة الإعلامية التي أبرزت قباحة المجازر والأهداف المدنية مقابل الخلقية العالية للمقاومة باستهدافها الجيش الصهيوني جعل ردود الفعل الشعبية والدولية أيضا الأمريكية اللاتينية مثالا لها والفرنسية الشعبية والبريطانية وكل الأوربية والعربية الشعبية في العديد من البلدان متغاضية التردد والإحجام بل والتمحور الرسمي ضد المقاومة كل ذلك خفف من وطأة الضغط الدولي وأصلا فإن الشعب والمقاومة والقيادة لم يكونوا يتوكلون إلا على الله في المعركة.

ثالثا: وقد انكشف العدو هنا في كل محاولاته ومماطلاته وعناده لم يبق له إلا المراهنة على الوقت المفتوح ومحاولة الإطالة بانتظار هفوة فلسطينية أو معجزة تجعله يفلت من تقديم ما سيقدمه راغما بعد أن انهزم ميدانيا وخلقيا وسياسيا ونفسيا وبانت علامات الهزيمة في الاوشام على وجهه وهذا ما تدركه المقاومة ووفدها ويدرك الوفد الفلسطيني أيضا محاولات الصهاينة بالضغط من النظام المصري وأركان دعمه في المنطقة وبالمراهنة على ضغط شعب داخلي لخلق حالة من الترهل والتخلخل والاهتزاز بالثقة في المعركة التحريرية شعبيا بعد تأمل التضحيات والخسائر إلا أن رهانهم هذا كحلم العدو بالأمن أو حلم إبليس في الجنة وما على وفدنا المفاوض إلا الثبات وعدم قطع الوصل أيضا والتوازي حد السيف والنصل فلا تمديد مطلقا للمفاوضات ولا إبقاء أي عذر للصهاينة وشركائهم لينقضوا علينا سياسيا وقد هزموا عسكريا ونفسيا, فالراية واضحة والحقوق محددة لهم ولحلفائهم إن كانوا يهتدون والا فعلى المقاومة أن تهديهم السبل وقد فعلت في هذه الجولة وستفعل بإذن الله في القادمات..