في هذا الزمن العربي البالغ السوء.. تغيرت الكثير من المعايير والقيم الرفيعة التي كانت أساساً ثابتاً في السلوك العربي منذ ما قبل الإسلام, فجاء الإسلام ليهذبها فقط "إنما بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق".
لقد أصبحنا اليوم نسمع ونرى ما كان مستحيلاً رؤيته وسماعه إلى مرحلة قريبة ماضية.. حتى وصلنا إلى هذا الزمن الرمادي الذي استبيحت فيه تلك القيم النبيلة.
فالكذب رذيلة ممقوتة لدى العربي الأصيل منذ بدء التاريخ ، ولهذا كان العربي يستحي أن يكذب على ناقته وهو يمنيها بقرب وجود الماء حتى تسرع بالسير خوفاً من أن يوصم بالكاذب، لان الكذب – في زمنهم – كان عاراً على العربي ، وما حكاية أبو سفيان مع ملك الفرس (هرمز) حين سأله عن الرسول وأبو سفيان – حينها- من أشد خصومه فقال صدقاً وأنصف الرسول.. إلا ترجمة لمكانة الصدق والصادقين في الوعي العربي ، وانحطاط صفة الكذب والكاذبين مما يجعل العربي يأنف أن يكذب حتى على عدوه اللدود وناقته كما أسلفنا.
هذه المعايير العربية الأصيلة أخذت تتآكل شيئاً فشيئاً حتى وصلت اليوم إلى نهاية عمرها الافتراضي ، وأصبحنا ننام ونصحو على تجاوزات خرقاء لمعايير الصدق في الوعي العربي النخبوي وتم التعايش - اضطراريا – معها لكن ذلك قاد إلى الانسلاخ الكامل عن القيم العربية الأصيلة والارتماء في مستنقع الكذب الفاضح من قبل الزعامات العربية الديناصورية وقيادات ثوراتها المضادة لثورة الربيع العربي كما هو في مصر بعد الانقلاب.
لقد صارت صناعة الكذب مهنة المفاليس المفضلة من الزعامات العربية الكرتونية وتوابعها من النخب الخشبية والإعلام التافه وأكثر من ذلك أن وصلوا إلى مرحلة الـ(فجور) في الخصومة فنراهم يلوكون الأكاذيب السمجة على الملاء بوقاحة لا يحسدون عليها لأنها بضاعتهم الوحيدة ، فلا يخجلون من تلك الصفاقات الممجوجة حتى ليخيل إلى المرء أن صفات الحياء والأدب والأخلاق الفاضلة قد هجرتهم غالى الأبد.. حين يكيلون التهم جزافا للإخوان المسلمين دون ابسط الأدلة لا لشيء إلا لان الإخوان المسلمون هم من البقية الباقية التي مازالت تتمسك بقيم وأخلاقيات الإسلام ومبادئه السامية رغم العواصف العلمانية الهوجاء وموجات بحار الكذب العاتية التي تعصف بقيم المجتمع العربي المسلم وتمرغها في التراب..
انظر إلى ما حصل في رابعة العدوية وغيرها من قتل ممنهج للمسالمين وكيل الاتهامات لهم بالإرهاب وهم منه براء.
يذبحونهم في السجون والمعتقلات ويقتلونهم في الشوارع بلا سبب ويقال "إرهابيون"..
إن هؤلاء المنفلتين من عقال الأخلاق الفاضلة والقيم العربية النبيلة صاروا دهاقنة في صناعة الكذب والدجل والديماغوجيا الفاجرة و ازدهرت في زمنهم صناعة الكذب ومارسوا إرهاب الدولة بكل أصنافه القولية والفعلية ضد من هم اشرف وأنقى واطهر ما في المجتمعات العربية وهم البقية الباقية من الزمن النقي الجميل الذي يحاول كل (سيسي خسيسي) في الوطن العربي اجتثاثهم من الوجود حتى تجد هذه الحشرات الجو خاليا لان تبيض وتفقس يرقاتها في المجتمعات العربية فتلوثها بقذارتها ولا تجد من يعمل على تنظيف الحياة من القاذورات الحشرية التي اجتاحتها بفعل الثورات المضادة للربيع العربي المفترى عليها.
للتأمل:
السياسيون الإسرائيليون مستاؤون من النظام المصري لتشدده ضد حماس أكثر من اليهود أنفسهم مما أطال عمر المفاوضات وهذا ما قالوه علناً في القنوات الفضائية" نحن نريد أن نخلص من هذه الحروب وننعم بالهدوء لكن النظام المصري هو المتشدد ضد حماس وهو من يؤخر نجاح المفاوضات".. تصوروا هذا كلام اليهود فمن اليهودي؟!..
منصور بلعيدي
ازدهار صناعة الكذب!! 1325