منذ فجر الثورتين السبتمبرية والاكتوبرية ومروراً بتحقيق الوحدة اليمنية وانتهاءً بثورة الشباب السلمية واليمانيون يعيشون أوضاعاً لا تسر صديقاً ولا تغيض عدواً، والسبب الرئيس في هذا الوضع المزري لليمانيين هو الفساد والإفساد.. ومن رحم الفساد خرجت الابتلاءات التي لا تحصى في الواقع اليمني ومازالت تجر أذنابها في هذا الوطن إلى اليوم.
وما يعيشه الوطن والمواطن اليمني اليوم من أزمات وحروب ومآسٍ لا تنتهي إلا نتاج طبيعي لأنشطة دهاقنة الفساد والإفساد . فلولا الفساد ما صار حالنا اليوم بهذا السوء.. والمصيبة انه كلما حاول الأحرار إخراج الوطن من ربقة الفساد وبراثن الفاسدين ظهرت لهم فئة طفيلية تختطف نضالهم وتحرف مساره المأمول إلى مسارات مظلمة تعيده إلى المربع الأول وهكذا دواليك.
ففي ثورة سبتمبر قفزت الطفيليات على ظهر الثورة وحولتها إلى غنيمة لشلة العسكر الموالون للفساد فأوصلوا الوطن إلى ما يعرفه الجميع.. وفي ثورة أكتوبر قفزت الجبهة القومية على ظهر المناضلين لتقطف ثمار نضالهم وتنحرف به عن خط سيره الطبيعي فصار ما عرفناه .. وبعد الوحدة بأقل من ثلاث سنوات قفز الفاسدون ليتسنموا ظهر قيادة الوحدة فحرفوها عن مسارها المأمول فتكسرت نصالها على مذابحهم وصرنا إلى ما نحن فيه اليوم .. ونفس الحال - وربما أسوأ- حصل مع ثورة الشباب السلمية حيث سلمت طوعاً أو كرها للفاسدين فرأينا كيف استثمرها من كان مغموراً لا يعرف (بضم الياء) ولكنه مطية سهلة لدوائر الفساد وأول هؤلاء وزير التربية والتعليم الذي افسد الوطن.
إن التربية والتعليم هي أساس الوطن وإذا فسدت فقد فسد الوطن كله.. ولنأخذ مثالا على ذلك في امتحانات التاسع والثانوية العامة.. فما حصل في سير الامتحانات لهذا العام كفيل بان يدمر العملية التربوية والتعليمية من الجذور ، من غش فاضح ومخيف ينذر بكارثة استراتيجية على مستقبل الوطن ويهدد مسار العملية التربوية والتعليمية برمتها ويعرض مستقبل جيل بأكمله إلى الانهيار نتيجة إفلاس القائمين عليها .
فعملية الغش التي جرت لم تعد بالصورة النمطية المتعارف عليها في الدنيا كلها.. بل وصلت إلى مستوى عال من الإسفاف لم يحصل له مثيل .. فقد انقلبت موازين المنطق وتغيرت معايير الأخلاق ليصبح الغش هو الأصل وبصورة ممنهجة وأسلوب وقح يشي بموت ضمائر القائمين على الوزارة إن كانت لهم ضمائر أصلا.
فلنأخذ مثلا على ذلك مما جرى في أبين وحدها:
أخذ الطلاب الكتب المدرسية إلى قاعات الامتحانات وبمباركة اللجان الإشرافية وبالاشتراك مع بعض أولياء الأمور الجهلة تم الغش من الكتب مباشرة ..والأكثر من ذلك أن الكثير من الطلاب أخذوا ملفاتهم الامتحانية إلى المنازل صباحا فقام الأهالي بحل الأسئلة وأبنائهم يشربون كأسا من الشاي على صحة العملية ثم ترسل الملفات إلى اللجان الإشرافية مساءا ..والأدهى من ذلك أن بعض الأهالي استأجروا خطاطين ليكتبوا في الملفات بخط جميل وواضح حتى تضاف لأبنائهم علامات الخط.. تصوروا !!
وبسبب هذه الفوضى الهلاكة لمستقبل الوطن جاءت النتائج على نفس النهج الكارثي ففاز الفاشلون بدرجات عالية وجاء ت نتائج الأذكياء متدنية ..وفي الحالتين لأتمثل النتائج حقيقة الواقع لأنها بنية على باطل وما بني على باطل فهو باطل.
حقا أنها كارثة مجتمعية تدفع إلى تحويل جيل بأكمله إلى (أمية) مقنعة بفضل تسنم الفاشلين – مطية الفاسدين- مقاليد الأمور في وزارة التربية والتعليم التي يحق لنا أن نسميها بعد اليوم بوزارة التجهيل العام.. وبذلك ينجح هذا الوزير الفاشل في بسط فشله على كاهل الوطن ليفسد جيل بأكمله.. ولا عزاء لهذا الوطن المنكوب ببعض أبنائه.
منصور بلعيدي
الوزير الذي أفسد الوطن! 1260