سيدي الرئيس.. لقد تابع الشعب خطابك الذي وجهته قبل أيام باهتمام بالغ كاد فيها أن يمسك أنفاسه بانتظار ما ستقوله بعد تهديد الحوثي بانتهاك سيادة الدولة وإذ بنا نسمع خطاباً يوصي بتوجيه لجنة من شأنها تتويجه ملكاً غير معلن لا يقل شأناً عن خميني إيران, أصابنا في مقتل ولا أخفيك القول إن الغالبية من الناس يشعرون أن أمراً يدبر وأن الدولة لم يصل بها الضعف إلى الحد الذي تشاهد به بأُم أعينها وهو يستولي على المحافظة تلو الأخرى وإن كان من المؤسف أيضا حديثكم ودعوته للشراكة, فأين نازع إحساسكم أمام ما يجري عن مسببات الجرعة والحكمة من ضرورتها في ظل فساد مالي وإداري ينتهج منذ سنوات ولا شك أن دواعيه أسفرت عن قيام ثورة الحادي عشر من فبراير التي قامت رغم ما حُفت به من مخاطر ذهب ضحيتها شهداء بهدف إسقاط هذا الفساد المتعلق بالجوانب المالية والإدارية الوقت الذي كان من المفترض أن يكون أول اهتمامكم بعد تسلمكم للسلطة - توظيف كل الطاقات التي من شأنها العمل على القضاء عليه إلا إن اهتمامكم ظل متعلقا بالخلافات التي كان من المهم نزعها أيضاً بين القادة العسكريين على حساب القضية الأُم التي قامت من أجلها ثورة الشباب وهي جانب الإصلاحات المالية والمتضمنة جوانب عدة أهمها قطع الرواتب التي تسلم لأسماء وهمية من المقيدين في الجيش وكذلك الجهاز المدني ولعل الأهم من هذا تحصيل موارد الدولة وإلزام الجميع دفعها مثل موارد الكهرباء والضرائب والزكاة والجمارك إلى جانب النفط والغاز والتأكد من هذين الموردين بأنهما يصلان إلى خزينة الدولة؟ وإن كان الشك يتجاوز اليقين في عدم وصوله بالحسبة السليمة كغيره من موارد الدولة التي تنهب وتسلب، يأتي بعد هذا تقليص النفقات من صرف السيارات وما رافق ذلك وإن كان الأهم من ذلك؟ التوجيه بصلب من يتسببون بقطع الكهرباء وأنابيب النفط حسب ما أورده الشرع ليكونوا عبرة وإن كان من المؤلم أن نجد أسماءهم تعلن على مرأى ومسمع في التلفزيون الرسمي في خطوة أشعرتنا أن الحكومة تشتكي إلينا فعلهم هذا والسؤال من يشتكي للآخر نحن أم الحكومة؟ في حين دعت من لا شرعية له أن يستمد قوته من ضعف التنظيم واعوجاج الصفوف التي تكاد تنزلق قبل أن تقف وهاهم اليوم يقفون أمامك قتلة الأمس ثائرو اليوم لا جدوى لإيقافهم من الاعتصامات والمسيرات القائمة والتهديد بسقوط العاصمة فإن عدت عن الجرعة كان هو المنتصر وإن حاربت اعتصاماته كان هو الفائز أيضا لأنك ستعيد سيناريو من قبلك وهي جمعة الكرامة، هذا في حال افتراضنا أنهم عزل غير طامعين في شيء وإن كانت الحكاية أنهم يحشدون لسنوات ويقيمون المعسكرات ويحتلون المناطق والمحافظات كل هذه السنوات من أجل الوصول لمآرب سبقت الجرعة؟ فأين تقف بعد كل هذا؟ ولعل الخلاصة فيه الرجوع عن الجرعة والالتفات إلى ما أُسلف الحديث عنه من إصلاحات مالية وإدارية تعيد ملامح قوتك أمام ما قام به الشعب من اصطفاف شعبي يوجز من خلاله مدى تلاحمه معك كقائد اختارك بالرغم من حنقه الشديد منك بسبب الجرعة إلا انه أستلفى الخطر حين أدرك أن للحوثي ذبذبات تسمع فلو شئت منه جيشا لأدركت منه ذلك دونما إغراء من مال كما يفعل الحوثي أو حاجة لمنصب كما تفعل الأحزاب لأنصارها فهو لا يسعى معك ؟ إلا لأنه يدرك أن الكرامة فوق الحاجة إلى الغناء فحذر إن تفرط به وأن تسلمه لقمة صائغه لحفنة همها تركعيه ولك أن تفعل ما قدرت له ليلمح الناس فيك قدر من الثقة كالتي من خلالها عرف العالم إن وطنيتك غير مرهونة بحزب أو فئة أو جماعة فسجلت بهذا عظمة المواطن اليمني الذي أرشده وازعه الديني؟ فهلا أكملت المسيرة على ضوء ما يرشدك إليه الخيرون فلا يفوتك النظر والتمعن بمقام عقلك وإحساسك معاً في ظل ما أنت عليه وهذا يعني أن قوتك وسلطانك تكتسبها في قراراتك الصائبة الوقت الذي أصبح من المهم أن الشعب يعي وأن تظاهر البعض منه في غير ذلك تلبية لمصالح من هم أذياله وها قد علمت حين طلبت اصطفاف هذا الشعب ما هو عليه من جاهزية وإن كان بسكوته وصبره على إجرام المرتزقة ليس إلا ضرباً من تعظيمه لاختيارك في حين أن سكوته جزء من الالتزام بجانب الأمانة التي عهدها إليك في حين اختارك منصفاً لا متفرجا أو متأسياً عليه في أحلك ما يمر به من معاناته أوجدها الناقمون على هذا المجتمع بعد ما انتزعه فرصهم بالبقاء على جثامين شعب أتاح لهم الزمن فرصة الاستيلاء عليه ونهب مدخراته؟ وحين قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كانت البداية لإنهاء حكم الاستعباد والتهميش ليطل الشعب من بعدها على نافذة أكبر وأوسع حجما من الحرية إلى أن فارقها الأخيار أمثال الرئيس إبراهيم الحمدي وجد بها مالم يحمد فكان من المهم أن تأتي ثورة مجدده تلبي طموحات هذا الشعب الذي قرن مصيره وتطلعه بما وصلت إليه بقية دول العالم ؟ فجاءت ثورة الشباب السلمية التي تم اختيارك أول رئيس لها؟ فإن كان الإسلام يأمرك كمسلم عادي بإماطة الأذى عن الطريق فكيف وأنت من ولي إماطة الأذى عن أمة؟
الوقت الذي ستُسأل؟ فكيف ستجيب والحوثي ينتهك إحساس كل مواطن يمني مكتوف الأيدي في انتظار أن تكون ألمبادرة في السطو عليه أو توقيفه عند حده منكم كونكم من تمثلون سيادة القانون فإلى من تكلنا وأنت تراهم يجهضون كل عزيمة بدءاً بصعده وعمران وصولا إلى بعض مناطق الجوف وحجة وهاهم اليوم على أبواب صنعاء يعسكرون على أبوابها ليس لهم من هدف إلا تركيع الإرادات وإسقاط هيبة الدولة حتى تظل الناس مستأثر بعوز الفقر وقلة الحاجة كما يتم فعله من تخريب متعمد للكهرباء وانقطاع أنابيب النفط الحد الذي تساوت فيه الكلاب والناس في بحثها عن بقايا الطعام في القمامات؟ سيدي الرئيس إلى متى نظل شعب ثمنه - الحي فيه؟ الرصاص الذي يطلق عليه فهل أدركت كم العيارات التي صوبت للشهيد حميد القشيبي؟ لتوضيح حجم قيمته وسعة قدره؟ إلى متى نعينك على الصبر وتعيننا على الانتظار ونحن وأنت لا نجهل العابثين بمصيرنا كشعب؟ قوامه الملايين في حين يظل اصطفافهم بين الآخرين ، يتباكون على هذا الشعب الوقت الذي لا تحقن في وجوههم الملامة والعيب طالما ظلوا وزر أحزابهم يطعموك الحلوى في كلامهم كأنك ما صعدت إلا لتكون لهم عونا على الباقون فاحذر إن يكون لك انتماء غير وطن يقطنه شعب أنت المسئول عنه بعدما ولاك؟ وإياك وإن قصدتها ناصحا أن يدركك الوهم أن من أوصلك إلى هذا المكان هي ..عظمة شانك وجود عبقريتك فقل الحمد لله أن اختارك لأسباب لا ندركها فضع نفسك حيث تدرك أن الله راض عنك فإن كنا قد لمسنا منك شعورا بالخير فاعلم أنه لك والله من يكافئك فلا أحد يعلو قدرك حتى تنتظر منه الشكر وتذكر أن مشيئة الله راعت أن تكون ذلك النائب المغلوب على أمره فاقد الصلاحيات ليكون للسبب نفسه سلمك للصعود إلى منصب الرئيس الذي يقود هذه البلاد في أحلك الظروف لينطبق قول الله فيهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا ؟ فكن ما تشاء في إنسانيتك وميولك وخصوصيتك كفرد كن ما تشاء وتحزب إلى شعب أمنك على مصيره وتذكر إن الحياة لا قيمة لها إن ربطت بذل أو معصية أو حالفها الخوف من فئة أو جهة أو حزب واعتبر بصدام حسين الذي أختاره الله شهيدا بعدما كان العالم يظنه من الهالكين في جهنم كيف قدر الله أن يعرف الناس سريرته العظيمة وهو ينطق الشهادة فيدركه العالم والفاسد إنه من الناجين بإذن الله؟ فلا يهمك ما قيل عنك ما دمت تعلم إنك إلى صواب في ظل صحبة يجب أن يتم اختيارها ممن قال عنهم الله لا قال عنهم الحزب أو العرف ألقبلي ؟ بعدها لا يهمك من رضي عنك؟ لأنك حينها لا تقود سيارة ؟ أنت تقود أمة هُيئت لك.. لا هُيئتَ لها وهذا يعني إن الله قدر لك أن تقود من هم أعظم منك فكراً وجاه فاعتبر فظل الله عليك ؟ فارتقائك يعني إن الله قد وجد بك سرا لا نعلمه أختارك من أجله فاحذر أن يكون وزنك اقل لما أختارك الله لحمله؟ و أن يكون لك عزة أو عظمة تتذكرها إلا.. وأنت بين من يدعون حسب غلوهم وتكبرهم إنهم أسياد هذه البلد وعظمائها الوقت الذي لا عظمة لمخلوق و إن العظمة لله وحده فالنير الفطن من لا ينتابه شيء من هذا..
عبد الوهاب البنا
رسالة إلى الرئيس هادي 1189