البند السابع الذي وضعت اليمن في إطاره ضمن قرار مجلس الأمن ، هذا البند اعتقد الكثير أن الهدف منه وضع حد للمعرقلين للتسوية السياسية حرصاً من مجلس الأمن ومن الدول الراعية للمبادرة الخليجية لإخراج اليمن إلى بر الأمان ، فباركته معظم القوى اليمنية كوسيلة أممية لردع المعرقلين ، كما أيدناه نحن المستقلون وأيدته كل قوى ثورة ١١ فبراير!.
مرت الأيام وتجلت المواقف واخترقت مخرجات الحوار واُعتدي على الجيش وعلى مصالح الشعب من أبراج الكهرباء وسقطت مدن وصُفّيت ألوية عسكرية ونُهبت أسلحة الدولة ، ففي البداية كان الجميع متوقعاً ردعاً قوياً من قبل الأسرة الدولية ورعاة المبادرة بحق المخالفين ، وإذا بالأيام والليالي تمر وإذا بنا نتعايش مع هذه الجرائم والحكومة والدولة تتعامل معها بتسامح كبير وعفو كريم وتتفاوض مع كل معتدٍ وتشكل لجاناً رئاسية، وسفراء الدول العشر يتحركون بغموض يوجهون النصائح للجميع بألفاظ عمومية يناشدونهم ضبط النفس، وحكومة مغيبة عن الواقع تماماً وكأنها ليست حكومة اليمن ورئاسة تراهن على الخارج، وشعب تائه لا يدري ما يراد به، ومن هو صاحب القرار في هذه البلد.
من خلال ملاحظاتي وفهمي المتواضع وصلت إلى قناعة أن البند السابع أُعد لفصيل سياسي معين في اليمن ضمن المخطط الإقليمي والدولي المستهدف لهذا الفصيل في المنطقة ، رغم أن هذا الفصيل ممن فرحوا وصفقوا لهذا البند بداية ، وما كان يعلم أن الحبال تعد للفها عليه، فهم هذا الفصيل الأمر بعد الوقائع المتكررة, مما أضعف موقفه في واقع الحياة السياسية وبدأ يضع ألف حساب لتحركاته وقراراته ، وربما تحمل مظالم وعدوان ولم يغامر بالرد الصريح عليها وان كان بعض أعضائه ربما واجهوا هذا العدوان هنا أو هناك بصفتهم الشخصية والقبلية وليس بصفتهم الحزبية أو تحت مظلة التنظيم، مما جعل طرف آخر يتغول ويتوسع برعاية محلية وإقليمية ودولية في ظل هذه الأجواء التي هيئت له وقلّمت أظافر خصومه القادرين على مواجهة فكره وحركته، لكني اعتقد أن الأمر اذا استمر بهذه السلبية المحلية والإقليمية والدولية, فإن ذلك سيجر البلد إلى فتنة كبرى وفرز طائفي وحرب أهلية لا يستطيع المرء التكهن بنهايتها في بلد أهلها عبر القرون متعايشون متداخلون متصاهرون لا يؤمنون بالطائفية ولا بالمذهبية, يُصلّون خلف بعضهم دون تطرف أو تحسس.
فهل كانت المبادرة الخليجية والقرارات الأممية جادة وصادقة مع اليمن وشعبه أم كانت خدعة كبرى ومكيدة لتمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتفكيك الدولة على نارٍ هادئة؟.
لا شك أن الجميع أخطأ بما فيهم قيادة البلد وقيادات الأحزاب والنخب كونهم ارتهنوا للخارج ارتهاناً كلياً ، ولم يراهنوا على شعبهم وإرادته ، في سذاجة لا تليق برجال السياسة وقادة الأمم.
السؤال الأهم الذي يطرح نفسه: ما هو المخرج وكيف لنا استدراك ما أخطأنا به وكيف لنا أن نحافظ على وطننا موحداً سالماً ونحافظ على نظامه الجمهوري، وتطبيق مخرجات الحوار الوطني؟.
الأمر يحتاج وضوحاً وصدقاً ومكاشفة من قبل قيادة البلد مع الشعب، وتشكيل حكومة كفاءات تحمل الهم الوطني وتبتعد عن المحاصصة الضيقة التي أوصلتنا إلى هذا الفشل الذريع، كما يتطلب من قيادات الأحزاب أن تدرك أنها كانت جزءاً من المشكلة وعليها أن ترتقي إلى مستوى الوطن وحبذا لو أن القيادات المهلهلة تركت قيادة هذه الأحزاب لكفاءات جديدة تكون بمستوى الحدث الذي يهدد الوطن ووحدته وأمنه واستقراره ، ويعمل الجميع على البدء بالتنفيذ الفوري لمخرجات الحوار التي أجمعت عليها كل مكونات الوطن وأطيافه، وتتمحور قيادة وطنية كُفؤة تتعامل مع الخارج بلغة المصالح المشتركة لا بأسلوب التابع الضعيف، ومالم ينزع السلاح الثقيل والمتوسط من حوزة المليشيات والقبائل وكل الجهات التي تملكه ويبقى بيد الدولة فقط, فإننا نحرث في بحر.
محمد مقبل الحميري
البند السابع.. الخديعة الكبرى 1344