مما ينبغي أن يعرفه أبناء الشعب اليمني اتفاق الشعب اليمني على ضعف وفساد الحكومة اليمنية التي شُكلت بعد الثورة، وعدم قدرتها على النجاح والتحقيق لأي شيء يذكر, لكونها حكومة تقاسم لا حكومة كفاءات وطنية، ويديرها رئيس جمهورية سكوته المريب أكثر من كلامه غير المفهوم، والتي تدور الأمور بالاتجاه المعاكس لكلامه، بل أصبح كلامه وكلام وزير دفاعه وتهديداتهما شفرة للحوثي يتنمر على شعبنا تحت سمع وبصر قيادته السياسية والأمنية والعسكرية، ومن تحرك لملاقاة الحوثي من المخلصين من رجال القوات المسلحة والأمن والاصطفاف الشعبي في اللجان الشعبية المجاهدة والمناصرة والمعاونة للجيش، سلمته الدولة بخيانة للمليشيات الحوثية كما حصل في عمران وصعدة سواء.
ومن المعلوم أن الشعب اليمني بكامل فئاته ومؤسساته وأحزابه وقيادة ثورته الشبابية، طالب ويطالب بتغيير هذه الحكومة المترهلة من قبل ما يطالب بها الحوثي بسنة، بل بأكثر، لكن بسلمية وليس تحت الضغط المسلح، ولا أدل على ذلك أن مجلس النواب اتفق في الإجماع في دورته المنعقدة في شهر ستة على عدم صلاحية الحكومة وضرورة تغييرها، ووقع على ذلك كل رؤساء الكتل البرلمانية الحزبية والمستقلة في المجلس، وهو إجماع قلما يتفق على مثله مجلس النواب وتوجه رئيس مجلس النواب للرئيس بالموافقة المطالبة بتغيير الحكومة لكن الرئيس سكت ولم يتحرك في الاتجاه الصحيح، مما جعل الكثيرين يشكون بأنه ضمن اللعبة الحوثية وكلامه وتهديداته إنما هي شفرة للحوثي ينفذ مراحله، وإذا كان مجلس النواب وهو ممثل الشعب طالب بتغيير الحكومة فما الجديد في مطالبات الحوثي غير الابتزاز وتنفيذ مخططات أعداء اليمن داخليا وخارجياً.
والدارس لوقائع حشد الحوثي حول صنعاء لإسقاط الحكومة التي يطالب بها, يلاحظ أمرين الأول: أنه لم يأتِ بجديد، والثاني: أنه بزحفه المسلح جعل الشعب اليمني يتمسك بهذه الحكومة الضعيفة ويقف معها، لأن الحوثي قاتل ومدمر والشعب يريد الإصلاح وليس الخراب ويريد البناء وليس الدماء، ويريد الحياة الكريمة وليس القتل وحياة الذل والاستعباد والسلب والنهب بالتحالف مع الدولة العميقة المخلوعة التي يشكل الحوثي معها ثورة مضادة لثورة فبراير، وتدمير المباني ونهب الممتلكات الخاصة والعامة، فالشعب يقف بفعل الحوثي وتجييشه وتهديده مع الحكومة، لأن الجرعة أخف عليه من جرائم الحوثي وحلفائه من فاسدي النظام المخلوع ومرتزقة مشايخ وأوباش بعض القبائل، ومن دماره السياسي والاقتصادي والفكري، وماذا يستفيد الشعب من مليشيات حوثية همجية، وكم هي نكبته أمامها، ففضل حكومة الجرعة الضعيفة على مليشيات الحوثي المفجرة والمدمرة والمرتكبة لمجازر ضد الإنسانية في حروبها، وفضل الوقوف مع هذه الدولة وحكومتها حماية لعاصمته صنعاء أم الحضارة في جزيرة العرب، من انتهاكات الحوثي وسلبه ونهبه، فالتاريخ لم يغب عن الشعب اليمني من جرائم أسلاف الحوثي في السلب والنهب والاستباحة لصنعاء في ثورة 48 م التي أبيحت صنعاء فانتهكت الأعراض وسفكت الدماء دون محاكمة، ودمرت تدميرا، وما يسجل شعبنا على الحوثي الحاضر من سلب ونهب وفرض ضرائب واستحياء للنساء وتقتيل للرجال في صعدة والجوف وعمران وحجة والجوف، كل ذلك جعل الشعب بجانب الدولة والحكومة ومظاهرة الأحد الجارفة، قالت للحوثي: لست الشعب فلا تتحدث باسمه، بل أنت القاتل والمفجر والمدمر، فأنت زعيم عصابة الإرهاب والمتحالف مع دولة الفساد العميقة التي أسقطها الشعب في ثورته، وبهذا السلوك المشين ساعد الحكومة على البقاء بعد أن أشرف الشعب على تغييرها، لأن الشعب ليس مستعداً أن يجعل في بلده فراغاً سياسياً ودستورياً، فانحاز للمفسدة الصغيرة هروباً من مفسدة أعظم منها.
د. عبد الله بجاش الحميري
الحوثي يساعد الحكومة على البقاء 1479