أبناء الجوف يُمسون ويصبحون على أصوات المدافع المدوية وعلى قذائف الدبابات والهاونات والرشاشات، الجوف كل يوم تودع مجموعة من خيرة شبابها بسبب الحرب الدائرة والتي شردت الأهالي ونزح المئات من الأسر فراراً من الموت.
لم يجد أبناء الجوف في حياتهم غير حياة "الجحيم" غادرتهم الحياة وحاصرتهم قذائف الموت فالوضع الإنساني في الجوف بات وضعاً حرجاً للغاية، واليوم يعيش أبناء الجوف حياة أشبه بالمعجزة؛ قتل وجوع وفقر وجهل ومرض وتهميش وإقصاء وحرمان منذ عشرات السنوات في الجوف فيها العليل والبائس الكئيب والدمع والحسرات والشقاء والبلاء والحرمان وقلوب أبناءها كسيرة ونفوسهم مريرة واقعهم يتشظى وحلمهم يتبدد بمشاعر الخذلان, متسائلين: أين الدولة ؟وأين رئيس الجمهورية وأين وزير الدفاع وأين المبعوث الأممي وأين منظمات حقوق الإنسان وأين وأين وأين.. إلخ.
هم الملاذ وهم آخر الأحلام وهم الجحود والنكران لوطن تناسوا فيه جراح الجوف وآنين الأمهات وصراخ الأطفال وحسرة الشيوخ في الدور والأكواخ وغليان شباب وشابات تعصف بذهنهم رياح الأحلام.
فقد صار حال أبناء محافظة الجوف كحال سكان القرى البدائية فلم تدخل عليها عوامل التنمية والتحضر وتطبيعها بطابعها فلا كهربا ولا تعليم ولا صحة ولا طرقات ولا مواصلات ولا أنترنت وتفتقر لأدنى مقومات الحياة الضرورية.
إن إنسان الجوف يعاني من الفقر والمرض والجهل والتهميش والحرمان وفي الجوف شباب ممن يئسوا من هذه الحياة.. وأيقنوا أن حياتهم أصبحت أسوأ من حياة غيرهم ومع زيادة حجم الضغوطات النفسية لا زالوا يبحثون عن المستحيل المفقود والسعادة الضائعة ويبحثون عمن يساعدهم في الخروج من واقعهم المزرى ولعلهم يجدون ما يسعدوا به حياتهم وحياة أهلهم.. وترجع به حقوقهم المسلوبة ويبحثون عن عمل يتوفر به أبسط مباهج الحياة التي حرموا منها عقوداً من الزمن..
اليوم ولا تزال حياتهم معلقه على فوهة المدافع فكل ما يحدث في الجوف شيء محزن وعميق ومؤسف وهناك الكثير من الخلفيات التي تحكي عن مآسٍ إنسانية، عايشتها بنفسي ومهما أحاول التعبير عن مرارتها ومرارة الذين حدثت لهم ولازالوا يعانوا منها.
معاناة كثيرة لم استطع التعبير عنها، صرخات المهمومة التي تنبع من حين لآخر؛ تناشد الحكومة.
صرخات من قلوب.. تخرج من حناجرهم المبحوحة كطلقات المدافع المدوية كي تعبر عن حجم الظلم والقهر الذي يعيشونه يوماً بعد يوم.. فبات حلم أبناء الجوف الوحيد أن ينعموا بالأمن والاستقرار والعيش في وطن يتسع الجميع وبعيدا عن عزف صوت القذائف والرصاص الذي طالما اقلق مضاجعهم وبدد أحلامهم وجعلهم عرضة للتشتت والضياع..
وفي ختام الواقع المؤلم الذي يواجه أبناء الجوف في الراهن وفي الأوقات القادمة نناشد رئيس الجمهورية ووزيرة حقوق الإنسان والمنظمات الدولية التي تعني بحقوق الإنسان بسرعة النظر في واقعهم المؤلم والسعي إلى التدخل الفوري والسريع لمساعدتهم وإخراجهم من واقعهم المزري والحزين ووقف الحرب العبثية التي حصدت عشرات الأبرياء و التدخل بشتى الوسائل والأساليب التي تضمن لأبناء الجوف حياتهم وحقوقهم كما أننا ندعو الرأي العام الوطني الاهتمام بمأساة الحرب والضغط على الدولة ممثلة برئيس الجمهورية والضغط على الأطراف المعنية لوقف إطلاق النار ورفع أسلحتها وجنودها من الجوف ومن وسط الأحياء السكنية.
و نطالب الجميع وأصحاب الضمائر الحية من شعبنا العظيم والمهتمين بحياة أبناء الجوف وبسلمهم الاجتماعي وكل من تربطه أخوة الإسلام والوطن أن يعلن تضامنه مع أبناء الجوف والتداعي لموقف عملي عاجل وموحد ضد الحرب وإنقاذ الجوف.
عبد الهادي العصار
الجوف..بين الموت والحرب!! 1719