كانت هزيمة الشعب اليمني تأتيه على مدار التاريخ من الداخل قبل الخارج كان يهزم من داخله قبل أن تحتل أرضه بفعل الغزاة من أعدائه.. وكانت الهزيمة الداخلية التي هي دائما مقدمة كل احتلال... تأتيه من حاكم ظالم يتسلط عليه، أو من زمرة من القتلة والطغاة عملاء للخارج تفتك بالكرامة داخله، وتقتل إنسانية الإنسان فيه...حتى إذا قدم الغزاة لأرضه وجدوا الإنسان اليمني عليها لقمة سائغة لهم... جعل منه الخونة وقتلته وظلمته مجرد هيكل...
أجوف.. بلا كرامة بلا إنسانية بلا إيمان وكلها هي أعز ما يعتز به الإنسان في كل الأمم، وعلى مر العصور بل إن قتلة الشعب اليمنى وقتلة الكرامة فيه، قدموه لعدوه مجردا حتى من الإحساس بالانتماء والولاء للأرض التي يعيش عليها، والانتماء.. من أهم الأسباب التي تجعل المواطن يستبسل دائما دفاعا عن شرف أرضه وطهارة ثراها.. لقد ترك هؤلاء المجرمون الشعب اليمن وظلمته إنسان اليمن مجردا من كل قيمة شريفة يدافع عنها الإنسان.
ولذلك أضحي في ساعات لقمة سائغة لأعدائه.
وضاع خمس ثراه « صعده+عمران=صنعاء» في نصف ساعة...!!
من هنا... لك ذلك تكون زمرة البغي من القتلة والخونة قد ارتكبت بفعلتها أشد وأفظع الجرائم في حق الوطن.
فإذا ما أضيف إلى ذلك أن زمرة «القتلة» الطغاة قد ارتكبت جرائم أخرى يعاقب عليها القانون الوضعي والسماوي على حد سواء... ابتداء من تعذيب الإنسان.. إلى قتله....فإن الأمر يصبح جديرا بنظرة عامة من سائر الأمة... لأن الجرائم التي يتعدى أثرها الفرد أو الجماعة وتمتد آثارها وأضرارها إلى الأمة وحضارتها تلك الجرائم مؤلمة تأثيما بليغا، إذ أن الأمر في هذه الحالة يتعلق بالوطن كله وحضارة الأمة بأسرها لذلك.. فهو جد خطير...
وجدير بنا جميعا أن نطيل البحث فيه، ونجيل النظر إليه، إلى آثاره الضارة حتى يمكن منع مثل هذه الظاهرة أو هذا البلاء من النزول بالوطن مستقيلا وحتى لا تفتك بالمواطن مرة أخرى وذلك حفاظا على شرف الوطن وعرضه وطهره، ولتجنبه شروا لم يعد في قدرته احتمال المزيد منها.
ولم يعد في اليمن بل لم يعد في العالم العربي أجمع من يشك بأن ما نزل بأرض اليمن مما لا تزال وستظل هذه الأرض الطيبة تعاني منه إلى آماد بعيدة إنما مرجعه إلى قتل الكرامة والكبرياء والإحساس بالانتماء لهذا الوطن في الإنسان اليمني، وذلك في زنازين التعذيب وفي السجون والمعتقلات الخاصة وبواسطة الكلاب البشرية والآدمية على حد سواء...!!
أن تدمير الإنسان هو كبيرة الكبائر، أو جريمة الجرائم، ولعل هزيمة الدولة وصار صنعا اليوم كانت المحصلة الطبيعية لهذه الجريمة وهي قهر الإنسان اليمن جسدا وفكرا وروحا وعقلا منذ عام 2004حتى وقعت تلك الطامة الكبرى والهزيمة الساحقة للجيش اليمنى جنود وضباط في أقل من 6ساعات وبتكاليف باهظه بيع فيها راس الشهيد البطل العميد القشيبي ورفاقه.
ولعله لم يعد في اليمن.. أيضا ولا في غير اليمن كذلك من يشك أن اليمن أصبحت بعد الذي حدث لها تعاني من أمور ثلاثة على جانب كبير من الخطورة:
أولا: احتلال جماعة مسلحة متمردة خارجه عن النظام والقانون لجزء كبير من التراب الوطني لم يحدث أن اقتطع من جسد الوطن على هذه الصورة على طوال عصر التاريخ.
ثانيا: دمار أخلاقي يتمثل في تلك الصورة غير العادية للتحلل في كافة ميادين العمل، والانفلات الأمني والإيماني من كل الصور الشريفة المتعارف عليها من القيم الخلقية الموروثة منذ الأزل.
ولعل الضباب الذي اكتنف –وما زال- صورة ما قبل هزيمة الدولة في الخامس عشر من رمضان الماضي 2014 وأسلوب الحكم، ودور الجلادين وغلاظ الأكباد فيه، هو الصورة التي لا يمكن مع بقائها أن تكون هناك جدوه لأي صلاح.
ولعل عدم كشف الحقائق –أيا كانت- عن هذه الفترة، وعن الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة المروعة هو الخطأ الجسيم والسقطة الكبرى لعصر الانبطاح العسكري، و الديمقراطية إذا كان في الأمر انبطاح حقيقي....!
ذلك أنه من المؤكد أن عداء «حرية الشعب اليمن» تلك الحرية السياسية، إنما يستغلون هذا الضباب الذي يكتنف فترة الحكم الماضية, وتقوية جماعة التمرد والإرهاب والذي يساهم في صنعه رجال الحكم الحالي، أسوأ استغلال، وذلك لطعن الشعب اليمن أولا، وطعن الإسلاميين ثانيا وإضعاف دور القبيلة ثالثا, وعزل وزراء ناجحين في حكومة الوفاق رابعا...
ولا شك أننا نأمل على أيدي الشرفاء في هذا الوطن في ديمقراطية سليمة وحقيقة يملك الشعب فيها مصيره بيده.. وترك الأمور على ما هي عليه من ظلمة وظلام لا يستفيد منه إلا أعداء النور، ولا يدفع ثمنه إلا الشعب والوطن بأسره والحاكم الداعي لحرية حقيقية للشعب.
إنه لمن الواجب على كل شريف يجب هذا الوطن بنبضات القلب، ويضع كل ولائه لهذه الأمة أن ينبه إلى أنه لم يكون هناك انفتاح سياسي أو انفتاح ديمقراطي أو أمل في مستقبل مشرق مشرف بالحرية ما لم تسلط الأضواء الكاشفة على الأحداث التي مرت قبل فترة وجيزة في اغلب محافظات الجمهورية ابتداء من حروب صعده ثم أحداث عمران..تعريجا في تفجيرات همدان..مرورا في معارك ارحب.. ثم خلق مشاكل في الرضمة وصولا إلى القتل والاقتتال في الجوف وانتهاء في احتلال العاصمة صنعاء..
لا ينبغي ان نقول هذا عهد مضي بسيئاته وحسناته...!! أو بإيجابياته وسلبياته...!! على حد قول بقايا المنتفعين بعهد القمر والظلام، وهم ما زالوا للأسف بين ظهرانينا كثيرين، ويعملون بهمة نشاط...!
إن الأمم لا يمكن أن تضع مستقبلها القريب في غيبة من ماضيها القريب بالذات، وخاصة إذا ما كان هذا الماضي قد أنزل بهذا الشعب وبالوطن كوارث رهيبة مثل كثف الليل ربما تظل آثارها الجانبية تصنع الأخاديد الجسيمة والتجاعيد المخيفة على جبين هذه الأمة لسنين طوال مقبلة، لا يعلم مداها إلا الله.
ومن الحقائق المعروفة أن الماضي مرآة المستقبل ولا يمكن أن يكون هناك انفصام بين ماضي وحاضر ومستقبل، وأن أ ي إنسان لا يمكن أن تكون خطواته إلى المستقبل مطمئنة ما لم يحاول كل فترة زمنية إعادة تقييم خطواته الماضية، فالذي يكون منها مفيدا يعيده بشكل أكثر انتظاما واتساقا... والذي يكون منها خاطئا أو مميتا يتجنبه ولا يكرره وهذا هو الأمر الذي يضمن ألا يسير الإنسان في «سكة الندامة» وهو يظن أنه يسير في «سكة السلامة» ولا يوقظه في مسيرته الخاطئة إلا وقع الكوارث التي لا منجاة منها.
أن عادة تقييم الخطوات هي دأب الأمم الناجحة، أو التي تريد أن تنجح وتتجنب مزيدا من الكوارث.
لأن الأمر يتعلق بحياتها بماضيها بكل مرارته وقساواته، وبحاضرها ومستقبلها وبكل ما ترجوه في هذا الحاضر والمستقبل من حريات وبسمات وطمأنينة, حرمت منها جميعا قرابة ربع قرب من الزمان وكان حصادها الشوك والحسرة والندم على أيام طويت بغير تقدم في ميادين كثيرة.
إن هؤلاء القتلة، أو الجلادين «عير عاديين» فهم ليسوا مثل اي قتلة قتلوا لثأر، ولشرف، أو لعرض، وإنما هم قتلوا لوأد الرأي في مهده، أو دفن عقيدة حرة في صدر صاحبها... ولا يمكن لوطن أن يبني نفسه والآراء «توأد» فيه والعقائد «تقتل» في صدور أبنائه... ذلك محال...!
أن العبرة بالماضي مسألة ضرورية للاستفادة بالأيام القادمة.. ولا يمكن لحاضر سليم أن يبني بغير رؤية موضوعية للماضي، وخاصة إذا كان هذا الماضي في ظلمة الليل تسبب في نكبات كسواده، في مرارة العلقم.
ولقد أصبح من المؤكد أن الرؤية الموضوعية الصحيحة ليست رؤية الحاكم...وإنما هي رؤية الشعب تلك حقيقة لا جدال فيها.... فالحاكم على صورة تعزله مشاكل الحكم عن الرؤية الموضوعية لدروس التاريخ وعبره وعرض الحقائق الموجود في هذا الوطن عرضا أمينا، من واقع التحقيقات مسألة ضرورية لأخذ العبرة والعظة إذا كنا نريد عبرة أو عظة أو مستقبلا أفضل...!!
القتلة من المخربين والمتمردين القابعين في أوساط العاصمة هذه الأيام، والشهداء رحمهم الله –الذين رحلوا ضحية بطشهم كانوا جميعا من أبناء هذا الوطن... ولكن الشهداء الذين ذهبوا علي يديه وبسببه كانوا بما يعبرون عنه من وراء – تعارضت مع أراء البعض منا –كانوا يشكلون بصورة أو بأخرى عقل الأمة اليمنية وقوتها ومصدر عزها وضميرها...
ومن حسن الحظ أن شهداء اليمن لم يسقطوا فقط من حاملي أفكار الإخوان أو السلفيين، وإنما سقطوا كذلك من حاملي أراء الأفكار الأخرى وهو الأمر الذي يؤكد ضرورة إلقاء الأضواء على هؤلاء الشهداء ما داموا يمنيين لا يفرق بينهم أن بعضهم كان إصلاحيا، وبعضهم كان سنيا وبعضهم كان وسطا، أما القتلة فلا يمكن أن يكون إلقاء الضوء قاصرا على وجوهم الكئيبة وإنما... أيضا لابد أن يشمل دورهم اللعين في واد الحرية والفكر والعقيدة في عقول وصدور أبناء اليمن من كافة الاتجاهات... وفي تشكيل لون الحكم الذي ساد...
ونحن نناشد الصحافة والزملاء الصحفيين باسم الضمير.. وباسم الوطن... وباسم الإنسان الذي كرمه الله أن يبرزوا أعمال هذه الجماعة المتمردة والضالة فكريا وعقديا ووطنيا. لتكون قضايا التعذيب.. والقتل.. والتفجير.. والتهجير.. قضايا رأي عام وليست مجرد أخبار توضع في صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات بطريقة أبسط ما نصفها به –نحن الصحفيين- إنما مقتولة!!
لأنها غير مبرزة بشكل كاف منسب لأهمية الحدث ودلالة الجريمة.
زملاء الصحافة الإعلام تعالوا إلى كلمة سواء..!!
أعرف... وتعرفون كيف كنتم تؤمرون في ظل عهود القهر، وحكم الفرد وسيطرة مراكز القوة، بأن تحملوا أقلامكم وآلات تصويركم إلى حيث الأحداث والحروب والمشاكل والصراعات السياسية..والمحاكم الاستثنائية لتنقلوها إلى الناس وليت الأمر كان نقل الصورة بأمانة بل كان الأمر مشفوعا بالدمغ المسبق لمن ستحضرون محاكمتهم بأنهم خونة ومجرمون ومتآمرون...ذلك لأنهم اتهموا، أو لفقت لهم تهم « التآمر على الوحدة » والإساءة إلى الزعيم..
وعليكم أن تركزوا عليهم بالأضواء بهذه الصورة الشوهاء لكي تصب الجماهير لعناتها عليهم ولكي تقنعوها بفداحة جرمهم وبالتالي استحقاقهم للأحكام الرادعة المجحفة الموضوعة سلفا والتي ليس لأعضاء المحكمة من فضل إلا النطق بها.
وتعرفون.. واعرف أنكم كنتم تؤمرون فتصدعون بالأمر ولم يكن أحد منكم يجرؤ على أن يكتب على لسان مسجون «سياسي » وهو في القفص كيف أنه عذب بريريا رهيبا وإلا فالمصير معروف....!!
أيها الزملاء العاملون في الصحافة أفيقوا فقضايا التعذيب والقتل والتهجير والتفجيرات أكبر من أن تكون قضايا أفراد أنها قضية الشعب اليمنى الأولى قضية الإنسان اليمنى قضية الإنسانية المهدرة على الإطلاق.. قضية كل إنسان يؤمن بأن له ربا وعقلا ووجدانا، فهل يضمن أي منكم أن ما جرى لأخيه في يوم سلف من الزمان يحدث لشخصية في أي يوم قادم من ذات الزمان!.
أفيقوا يا أخوة الصحافة والثقافة فالقضية أكبر مما تتصورون أنها أكبر من أن تكون قضية « الحوثي وال الأحمر» أو « صراع حوثي إصلاحي» بل إنها سمة عهد نرجو أن تكرسوا أقلامكم لتصويرها كي لا تتكرر مأساتها ثانية أن لكم أو لأولادكم من بعدكم أو حتى لأحفادكم...!!
يا زملاء الصحافة والإعلام، لعل ذاكرتكم لم تسقط منها الماضي الكئيب القريب مما أعرف وتعرفون!!
وقد جاء اليوم ليفضح ويكشف علي الملاء الذين ارتكبوا جرائم التعذيب والقتل والتهجير ضد أنباء اليمن أصحاب الآراء والعقائد الضالة المضلة.
ولكن الذي أعرف وتعرفون أيضا أن بعضكم لا تصدر إليكم الأوامر بإبراز قضايا التعذيب والقتل والهجير والاحتلال لقري ومساكن المواطنين.. بصرف النظر عن أنكم تتلقون توجيهات في أمور أخرى قد تخص سيادة الدولة العليا وتمس مصلحتها..!
ولكن الذي أعرف.. وتعرفون أيضا أن رفاق وتلاميذ القهر والبغي ما زالوا يعيشون في جيوب خطيرة وفي أماكن حساسة, ويسعد هؤلاء أن تظل أخبار قضايا التعذيب والقتل والتشريد تمثل أضيق المساحات في صفحات الصحف، ولا تطلق عليها الأضواء اللازمة لإبراز خطورتها وأثرها في حياة الأمة بأسرها ومستقبل يمننا كلها حيث يتحقق لهم العمل في الظلام لإعادة أساليب الماضي في الحكم والقهر، التي لا يستفيد منها سواهم وزمرة الجلادين والذين معهم.
والذي يجب أن أذكره وتذكرون، أن مصلحة اليمن وشعب اليمن، ومستقبل اليمن هو في تسليط الأضواء الكاشفة على أساليب الحكم في الماضي، وعلى قضايا تدمير الوطن في الحاضر، كأسلوب أساسي في أساليب حكم الشعب.
لا نزيد أن نلون الصورة بهذا اللون أو بذلك.. حاشاي أن أطلب منكم ذلك نريد أن ننقل الصورة بأمانة مطلقة لشعبنا لكي يتجنب الوقوع مرة أخرى في ذات «الشراك» التي نصبت له ووقع فيها في الماضي. لذلك تعالوا بنا إلى كلمة سواء نريد إبراز الحقيقة في قضايا بيع الوطن في أسواق النخاسة بكل أمانة وبكل صدق.. وبكل إخلاص..
أن جرائم هذه الجماعة لم تقع لأشخاص من وقعت عليهم بالفعل جسدا.. وإنما كان وقوعها على الشخصية اليمنية بالدرجة الأولى قبل وقوعها على أصحابها جسدا.. ذلك لأن حصادها من الحصرم والشوك والقتاد ها هي تجنيه اليمن بأسرها اليوم... أرضا وشعبا..
وإلى زمن يعلمه الله.. والله بنا رؤوف رحيم.
فهيا يا رجال الإعلام اكسروا جدار الصمت عن قضايا تدمير الوطن وإدخاله في أتون الاحتراب وانقلوها الصفحات الأولى.. وإلى مقالات السياسة والكتب معها.. فإنها جديرة بذلك لتنقل كاميراتكم وأقلامكم الصورة أمينة للشعب من قلب الحدث والتدمير والتفجيرات, وبلا حراس وبلا أسرار ليعرف الشعب كيف كان.. وكيف أصبح ومن الفاعل وماذا ينتظره أن هو فرط في حريته كما سبق أن فعل في عهد الطغاة.
إن واجب اليمن عليكم يقضي منك أن تجعلوا من قضايا إدخال البلد في الصراعات..وإقلاق الأمن والسكينة وإدخال الوطن في فراغ دستوري.. وفي فراغ حكومي.. قضية الرأي العام الأولى.. وذلك من اقتناعكم المحض أن ذلك يحقق المصلحة لبلدكم ولشعب بلدكم.. ولا تتركوا فصيل أو حزب أو جماعة يعمل وحده.. لأن الذيول من ذئاب مراكز القوى تتربص بكم جميعا.. وبا البلد بأسرها..!!
إنني على يقين من صفاء الوجدان الوطني لغالبيتكم، لذلك فإنا أدعوكم إلى كلمة سواء بيننا.. أن ننقل الحقيقة بضمير لا يبغي سوى الله والوطن..
عبد الوارث الراشدي
الوطن والخونه..من ينتصر..؟ 1298