يا أبناء الشعب اليمني: اليمن على شفا جرف هار, والسفينة تكاد أن تغرق, وحتى لا تغرق السفينة ولنصل إلى بر الأمان لا بد من الالتحام والتكاتف والوقوف كالبنيان بل كالجسد الواحد في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار الوطن.
إن الدفاع عن الوطن وحمايته من المخاطر جزءٌ من العقيدة وأكدت ذلك الشريعة الإسلامية حتى أن الله تعالى قرن بين الوطن والدين في آية واحدة لقوله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم". فالوطن لا يقل أهمية عن الدين وقد قرن أيضاً بين الإخراج من الوطن وبين القتل قال تعالي "ولو أن كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم".
وبالنظر في حياة النبي- صلى الله عليه وسلم- لأدركنا مدى حبه لوطنه فلما أخرجوه من مكة اغرورقت عيناه وهو يكفكف دمعه صلى الله عليه وسلم قائلا "والله إنك لأحب البلاد إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت" ولم يهدأ له روع حتى طمأنه المولى بالعودة إلى مسقط رأسه ومرتع صباه.
"إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معادً"، وهي مكة. وبعد أن منّ اللهُ عليه بفتح مكة والنصر على أعدائه من المشركين فيما لم يقابل ظلمهم له بظلم بل كان العفو عند المقدرة حفاظاً على وطنه وأبنائه رغم ما لاقاه منهم.
فواجب أبناء الشعب كافة حماية الوطن وبذل الغالي والنفيس له وثوابه عند الله, فالدفاع عن الوطن جزء من العقيدة الإسلامية وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشتاق إلى وطنه الأول مكة عندما أخرجوه منها فقال "أعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله وأنك أحب البلاد إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت", فالوطن والمكان والأرض من الأمور المهمة التي حث الإسلام على بذل الغالي والنفيس من أجلها.
فالوطن الذي نعيش فيه يجب أن يعيش فينا بالحب والعمل والإنتاج حتى نجني ثمار الرقي "فمن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون ماله فهو شهيد ومن مات دون وطنه فهو شهيد". والإسلام أشار إلى أن المسلم يعود نفعه على مجتمعه فينفق ماله على إقامة المنشآت العامة والطرق والمستشفيات وإن لم يستطع فليحافظ على ممتلكات بلاده ويمنع غيره من العبث بها أو إتلافها.
و يا للغرابة والعجب ممن باسم الدين يخربون البلاد ظلماً للدين واعتداء على الشريعة وترويع الآمنين وقتل الناس اعتقاداً منهم بأنهم بذلك يخدمون الوطن، بل هم ليسوا كذلك بل من أجل المناصب والكراسي "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" فالوطن كالسفينة يجب على الجميع الحفاظ عليها حتى تنجو وينجو معها ولو تركنا من يعبث فيها لهلكت السفينة وهلك كل من فيها فلنحافظ جميعاً على بلادنا وأمننا حتى يسعد الأبناء وترقي البلاد. ونحظى بالعيش الكريم في شتى مجالات الحياة!.
فواجب المجتمع وأبناء الوطن حماية الوطن أولاً وليرفع اليمن فوق الجميع, فالأشخاص زائلون والوطن هو الباقي ويظهر ذلك جلياً في تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
يا أبناء اليمن وعشاق السلام ومحبو الوطن: لا تنسوا الدعاء للوطن الحبيب والبلدة الطيبة والأم الغالية الحنونة فقد دعا إبراهيم الخليل لمكة, قال "رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات", فدعوة إبراهيم تركزت على الرزق وهو ما يعني الآن الاقتصاد في التوقيت المعاصر وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد".
يا أبناء اليمن وعشاق السلام ومحبو : واجب علينا الوقوف صفاً واحداً بنياناً مرصوصاً في وجه المخربين دعاة الاقتتال والاعتداء على المنشآت ومؤسسات الدولة والمال العام فقد ضل بعض الناس السبيل عندما اعتبروا أن هدم مؤسسات الدولة عبادة وضرب أمنها شهادة وهؤلاء أبعد ما يكون عن الدين والوطنية.
إن من الوطنية والتي هي شرف الشعور بالانتماء للوطن زرع قيمة حب الوطن في نفوس الأطفال ويمكن تعميم ذلك من خلال وسائل الإعلام والتعليم والمساجد حتى يدرك أبناء اليمن قيمتها كوطن أمن مزدهر مشرق..
وأحذر القيادة والساسة والمثقفين والإعلاميين والصحفيين وكل شرائح المجتمع اليمني وأبناء اليمن من خطورة الصراعات السياسية والحزبية والمذهبية والطائفية والقبلية التي تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار و استيعاب قيمة الوطن والخروج من التيه الذي يكاد يعصف بالوطن ما بين القيل والقال بالليل والنهار حتى لا تغرق سفينة الوطن..
هشام عميران
رسالة للشعب!! 1284