رغم فشل الدولة التي أقرت الجرعة, وفشل الحكومة في أداء واجباتها, لا يمكن أن ترقى إلى تسميتها بـ"الثورة", أو حتى لئن تكون امتدادا للثورة الشبابية الشعبية السلمية 2011م. كون مظاهرة اليوم تحمل في طياتها التسليح والعنف وتهدد بحرب متوقعة أول ضحاياها الشعب وليس المتسببون بافتعال الظلم على الشعب.
رغم أن مظاهرة الحوثي المفتعلة اليوم تبطن مطالب شخصية وتظهر مطالب شعبية, إلا أن هذه المظاهرة تظهر بعض السلوكيات والشعارات المتناقضة, والبعيدة عن الواقع, بل وفي اتجاه آخر غير ما تدعو اليه هذه المظاهرة فمثلا:
تظهر شعارات مع المظاهرات الحوثية لا علاقة لها بمطالب المتظاهرين أو المعتصمون الحوثيون في استخدام علم دولة فلسطين.. ما يثير الاستغراب والتساؤل هو السر من استخدام العلم الفلسطيني في مظاهرة تنادي بمطالب شعبية كأسقاط الجرعة أو إقالة الحكومة.
لا يوجد تفسير منطقي لوجود مثل هذا الشعار, إلا إن كان وجوده لكسب تعاطف الشعب اليمني, أو ربما وجود هذا العلم الفلسطيني هو نتيجة للكراهية التي يحملها الحوثي لليهود أو إسرائيل والمطبوع على شعار الصرخة الحوثية. اذا كان الأمر كذلك فلم لم يوجد شعار للكراهية تجاه الأمريكان أو الدول الأوربية وبخاصة بريطانيا التي كانت السبب الرئيسي في إسكان اليهود في فلسطين؟.
كذلك وفي حين كادت أحداث اليومين الماضيين في شارع المطار أن تطلق شرارة المواجهات الأولى, يوجه الإعلام الحوثي أصابع الاتهام نحو أمريكا بحجة أن قنابل فض الاعتصامات صناعة أمريكية, لئن تصبح أمريكا نفسها متورطة في قتل مناصريها حسب تفسيرهم.
هل يعني ذلك أن الحركة الحوثية تحرم استخدام الأسلحة الأمريكية في الحروب بين المسلمين, في حين تسمح باستخدام الأسلحة الأخرى إلى الحد الذي يمكن بواسطتها حتى إسقاط محافظات, بل ولا تزال تحاول إسقاط محافظات أخرى؟
وفي الوقت الذي وبشكل مؤلم ويدمي القلب أن يسقط ضحايا في المظاهرة أمام رئاسة الوزراء, "ولأي سبب كان إراقة الدماء تلك يظل دم المسلم اعظم في حرمته من هدم الكعبة". لا تسمع سوى دوي الصرخة, وتنسى المطالب الشعبية في إقالة الحكومة وإسقاط الجرعة, بل ويتم اتهام مطلقي النار بالدواعش. المثير للاستغراب لماذا الصرخة في ذلك الوقت الدامي؟ وما علاقة داعش بما حدث هناك؟
والأكثر والأفظع هو أن يدعو خطيب جمعة الحوثي في أول جمعة للمظاهرة الحوثية في شارع المطار للأرامل واليتامى في فلسطين وسوريا وشتى بقاع العالم من المسلمين, وينسى أن يدعو لأرامل ويتامى اليمن. فهل تحاشى الخطيب ذلك حتى لا تنتقد حركة الحوثي كونها أصبحت بكامل نشاطها في اطلاق شرارات الحروب في عدة محافظات وخلفت ضحايا كثيرة؟
ما يفهم من خلال السرد السابق للأحداث سوى التناقض في سلوكيات الحركة الحوثية,, وخاصة في اتجاهات تنادي اغلبها إن لم يكن كلها بشعارات العنف والحرب والجهاد والشهادة والأعداء والسيف وغيرها من شعارات العنف, بينما تخلو سلوكياتهم من شعارات تدل على التسامح والتعايش او السلم والحياة.
إلى جانب ما تمتلكه الحركة الحوثية من الأسلحة, يمتلك أيضا مناصرين وتابعين ليسوا مختلفين عن كونهم مجرد آلات تبدو وكأنها برمجت للحرب والعنف. لا شك كان لغياب الدولة دور كبير في تزايد نشاطها المحمل بالعنف, الأمر الذي سهل حركات مماثلة في جذبهم وتوجيه مناصريها تماما كما توجه الآلات الحربية بما يسقط الوطن وينشأ الحروب والعنف في البلاد.
لقد كان أخطاء العقيدة والأفكار التي تحملها حركات مماثلة, فضلا عن الوعود الوهمية والخرافية والخيالية كالاحقية في الحكم في المستقبل القريب, بل والغرور والغطرسة التي تحملها هذه حركة الحوثي التي سرعان ما انتشرت وسرعان ما ستضمحل بشكل متسارع ومساو لنفس سرعة ظهورها, خاصة في ظل وجود تناقض كبير في سلوكيات هذه الحركة واعتقاداتها وخاصة شعارها المتمثل في الصرخة.
محمود الحرازي
عشوائية الحركة الحوثية! 1274