تشهد العاصمة صنعاء ملاسنات.. وأحداث عصيبة.. وقلق مخيف وتشاحنات متفاقمة.. نتيجة تصاعد نيران ملتهبة.. اشتدت أوتارها الخبيثة حتى تحولت إلى كائنات شرسة.. وجماعات مسلحة تعشق القتل والتدمير.. وتلهث باتجاه إزهاق الأرواح البريئة.. وتتعطش إراقة الدماء الطاهرة الزكية.. وتسير على منهج أعمى.. وتتجه على طريق الفوضى.. وتتخذ من شعاراتها وتصريحاتها الخبيثة ملاذا آمنا لمواصلة سير الحملة الغبية التي تتجه نحو إحداث شروخ على جدران الوطن.
يتواصل الزحف الجارف المعتوه.. التي تمارسه جماعة الحوثي، في خوض تصعيدات نارية متسولة المظلات والشعارات السلمية.. بهدف الوصول إلى مراكز الدولة, وليس كما يصفها الموالون لأعمال الشغب والداعمون لزعزعة الأمن وإقلاق السكينة العامة.
ليس جدالاً في الأمر.. بأن يخرج زعيم الحركة/ عبدالملك الحوثي.. ويتحدث إلى مناصريه للخروج بتصعيد ثوري تتبعه هتافات ومطالب متناقضة تماماً مع مجمل تمركزها.. ومحور حديثها.. إن نظرنا إليها من وصف التعمق والتحليل والتفريق.
فقد طالبت الجماعة المسلحة بإسقاط حكومة الوفاق الوطني وإسقاط الجرعة المتمسكة بالحكومة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار.
إنه التناقض الحوثي بعرضه وجوهره, حيث المطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار الذي يكون أحد بنود المبادرة الخليجية هو الحال أيضا الذي أتت منه حكومة الوفاق.. وللعلم إن من بنود مخرجات الحوار.. نبذ العنف واللجوء إلى طاولة السلام والحوار.. وتسليم صعدة إلى أحضان الدولة.. وهو الأمر الذي يرفضونه ويقفون عائقاً أمام إنجازه وتطبيقه على أرض الواقع.
بغض النظر على ضعف أداء الحكومة الانتقالية في مهامها المكلف.. بل وفشلها الذريع في تقمص وتقلص مستوى الفساد الإداري، والتشبك الوزاري لصالح اطراف مشاركة في العلمية السياسية بنسبة كبيرة هدفها زرع الغام فتِّاكه. تعرقل مسار العملية السياسية واستطاعت أن تنجح في ذلك وبجدارة.. في ظل تخاذل وتريث من أطراف وقوى في اتخاذ مواقف واضحة تجنب القيادة من عبئ الفوضى والفشل في مراحل سير العملية الانتقالية.. بحكم تشكيلها على هيئة توافق وفق بنود المبادرة الخليجية.
التصعيد المتوالي، والغرغرة الكلامية التي تتبعتم على الفم برائحة/ عبدالملك الحوثي.. والتي تدعو إلى التصعيد بطريقة سلمية ونحن نرحب بذلك من هذا المنطلق ومن حيث المبدأ مع أن الواقع ليس كذلك على الإطلاق.
بل تصعيد مخيف.. ومظاهرات مسلحة.. وشعارات مزيفة. ودعوات وخطابات تحريضية.. وإقلاق للسكينة العامة واعتصام أمام مباني حكومية ومراكز حساسة بهدف التسلق على سلم الحكم وتحقيق أهداف معينة واستراتيجية.. وتلبية مطالب ضرورية لقوى وأجندة خارجية من خلال مراحل وخطوات غير منطقية وغير مدروسة وغبية حقيقة.
كانت المبادرة الرئاسية- التي نصت على النظر في الجرعة وتقليص سعر المشتقات النفطية وتشكيل حكومة جديدة- بوابة للخروج من مربع الصراعات, وإنقاذ سفينة الوطن من الغرق وبؤرة الحرب والاقتتال.
لقد دعت تلك المبادرة إلى تجنب العنف.. وعدم الانجرار بحروب لا نهاية لها.. وانزلاق الوضع إلى بؤرة حرب تدخل الشعب في دوامة الصراع وتدخل اليمن في عنق الزجاجة عوضاً عن أملنا وملاذنا الوحيد على إخراجها من المحنة التي فيها الآن.
استغلت الجماعة تعاطف وتخاذل الدولة.. واتخذت ذلك أسلوبا مفروضا على الدولة للخضوع إلى مطالبهم. مع أنه مصطلح غبي ومعتوه. فقبول ذلك ليس ضعفاً, إنما حقناً للدماء وتجنب الصراع والحرص على عدم اللجوء للعنف والضغط على الزناد.. والعمل جاهداً- وبكل مختلف الإمكانيات- للوصول إلى حلول سلمية ترضي وتوافق جميع الأطراف بلا استثناء.. فالمرحلة لا تطلب خوض حرب, وتحويل البلاد إلى بحيرة دم.. والقاتل والقتيل يمنيان وللأسف الشديد.
إن الوضع الراهن الذي تعيشه اليمن يتطلب الحيطة والحذر في نبذ العنف وتجنب الصراع. وزرع عملية السلام والسلم عوضاً عن الإقحام في خوض حرب وصراع, واتخاذ التكاتف والتلاحم للوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان.
اليمن على أعتاب الخروج من مربع العنف، بطريقة سلمية أكثر آمناً لمستقبل الوطن وشعبه، الذي أصبح بين زعزعة الأمن ومشنقة الحوثي.. التي تحاول بكل سبلها إحداث شروخ وفراغ على أرض الواقع.. وجلب المواطنين الضعفاء إلى الصف الجهادي كما يدعون. عن طريق الأغراء المالي وهو ما نجح فيه الحوثي بحكم البطالة والحاجة الماسة الذي تسعى إليها بعض الأوساط اليمنية والطبقات الضعيفة الغير واعية ومستوعبة لنتائج تلك الخطوة الخطيرة والمخيفة في ظل الأوضاع المتوترة التي تعيشها البلاد.
لقد تبعثرت الحلول. وتساقطت أوراق التوت من بين أيادي الحوثي الملوثة بإراقة الدماء.. وتبلورت عملية السلام عندما تم رفض المبادرة الرئاسية واللف عليها واختيار طريق العنف والفوضى.. ومواصلة المسيرة الظلامية . التي تحكمها عقلية متغطرسة محقنه بمادة سامة.. تقف خلف الستار لتلبية أوامر من أجندة خارجية, وان استمر الحوثي في غبائه اليوم سيوصله إلى بداية النهاية له!
كاتب صحفي- يمني
راكان عبدالباسط الجبيحي
شروخ على جدران وطن ! 1269